البروفيسور أحمد قوراية لـ"نيوز الجزائر":

“هذه أسباب فرار التلاميذ الراسبين في الدراسة”

0
271

يفكك البروفيسور في علم الاجتماع الأستاذ أحمد قوراية، أسباب فرار التلاميذ من محيطهم المدرسي نتيجة رسوبهم في مسارهم الدراسي.

ويحذر قوراية في هذا الحوار مع “نيوز الجزائر” من خطر المراقبة اللصيقة للأولياء لأبنائهم في فترة الدراسة واعتبار النجاح في الدراسة مسألة حياة أو موت.

ما تفسيرك لحالات اختفاء التلاميذ الذين أخفقوا في شهادة التعليم المتوسط وغيرها من الامتحانات؟

للأسف ظاهرة اختفاء التلاميذ الذين لم يسعفهم الحظ في نيل شهادة التعليم المتوسط أو شهادة البكالوريا، ليست وليدة اليوم، بل هي ظاهرة يمكن وصفها بالقديمة الجديدة، إلا هذه المسألة تفاقمت وانتشرت بشكل كبير في أوساط التلاميذ الذين يسارعون إلى الاختفاء والهرب من العائلى، ما يفسر أن التلميذ الذي يفكر في هذه القضية إما يكون قد خطط لها قبلا خاصة إذا كانت نتائجه المدرسية متدنية وتيقن من أمر الرسوب، وأنه بمجرد الإعلان عن النتائج تنتابه حالة نفسية تجده يختفي أو قد تنتابه حالة اضطرابات النفسية الخطيرة التي يتعرض لها التلميذ لدا وضع رقم تسجيله في تطبيق وزارية التربية الوطنية وحين تأتيه رسالة ” راسب” يدخل في حالة ذعر شديدة تحيط بعقله الصغير هالة سوداء لا يرى طريق الخلاص من معضلته سوى الاختفاء، لأنه كان يرى أنه لا يساوي شيئا بعد الإخفاق، وأن الشهادة جسر للعبور نحو حياة أخرى وأنه بعدم حصوله على معدل الكافي للعبور نحو الصف الثانوي يكون قد فقد البوصلة.

ما هي الأسباب المؤدية للختفاء؟

مسألة الاختفاء في الوسط المدرسي تتحكم فيها العديد من الأسباب والعوامل المساعدة على تنفيذ التلميذ للعملية، ويكثر حالة الاختفاء خاصة بين التلميذ الذين يتراوح أعمارهم بين 15 و19 سنة.

ويمكن حصر عوامل أو أسباب المؤدية إلى الاخفتاء المؤقت هم الأولياء كعامل رئيسي الذي يلعب دورا محوريا على أساسه يختفي التلميذ الراسب في شهادة التعليم المتوسط لعدم متابعة أطفالهم ومرافقتهم في حياتهم الدراسية بشكل سليم، وتجدهم يضغطون عليهم ويضيقون على حياتهم الدراسية بشكل يلفت الانتباه، بل وصل الحد إلى مرافقته داخل المراكز الامتحان وهو الخطأ الفادح الذي يقوم به ولي التلميذ أن تجعل طفلك لا يرى سوى هذه الشهادة وأن عدم نجاحه هو ضربة قاضية لوالديه، منهم يقول له ” فرحني ” ونجاحك هو ما يعيد لي الاعتبار أمام فلان أو علان، متناسين أن طفلهما سيدخلانه في دوامة ومتاهة عويصة، وقد يكون التلميذ الذي وضع حدا لحياته على خلفية رسوبه في الامتحان يعاني ضغوطات من العائلة، قد يهدده والده بمعاقبته، وهنا تجد هذا التلميذ يفكر في طبيعة العقاب المنتظر في حال رسوبه، وإن تحقق الإخفاق يجد نفسه معزولا وهو يعيش وسط عائلته وحيدا منطويا على نفسه، ويراقب تلك النظرات الحقد التي تترصده في كل حركة يقوم بها في منزله أو أثناء وجباته التي تحتم عليه الجلوس إلى المائدة مع عائلته، كل تلك السلوكات السلبية التي يعامل بها الطفل الراسب تعزز لديه فكرة الاختفاء، لأنه يفكر أنه منبوذ وليس له أهمية في عائلته فيفكر في الهروب كحل يخلصه حتى يثير انتباه أوليائه.

ثاني عامل الذي يؤدي إلى الهروب لدى التلميذ غياب الحلول والمنافذ والطرق التي تخلصه من محنته، وأنه وحيد في هذا الكون وأن الشهادة التي علّق عليها مصيره قد اضمحلت ولا حل عنده سوى الخروج من هذه الحياة التي ضغطت عليه الخناق وأن التفكير في الهروب هو المنفذ الوحيد لإيجاد حل لحياته، إلى جانب تعرضه إلى التنمر من عائلته ومقارنته بابن فلان الذي نجح وأثلج قلب والديه، وكذا تعرضه للتنمر من طرف أصدقائه الناجحين

كيف يمكن أن يصل الأمر بالمراهق أن يضع يهرب من منزله؟

كل العوامل التي تطرقنا إليها في السؤالين الأولين من إفراط الوالدين في متابعة أبنائهم والضغط عليهم بضرورة النجاح، وكذا ظاهرة التنمر عليهم ومقارنتهم بأقرانهم من الجيران ومن أبناء العائلة، شعوره بعدم اكتراث أي حد بوجوده، كل هذا يشعره بضغط نفسي حاد، وتتولد لديه شعور بالدنوة وأنه لا يساوي شيء في هذا العالم، وأن الشهادة التي لم ينالها هي الوسام الذي يتشرف به والذي سيجعل له مكانة مرموقة في أسرته وفخر له في محيطه، هنا يتولد لديه ضغط نفسي وفكري حادين فيدخل حالة متشعبة مشتت الأفكار يحتاج إلى من يرتب له داخله المفكك فلا يرى أمامه سوى الهروب.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا