الشاعر العراقي زياد الشيخ صالح الحمداني لـ"أخبار الجزائر الجديدة"

“الجزائر بتاريخها وثقلها هي بوابة العالم العربي الإسلامي الغربية”

1
562
زياد الشيخ صالح الحمداني
زياد الشيخ صالح الحمداني

العراق العظيم عبر تاريخه تجسدت ملاحم الموت والحياة ولكنه كان ينهض دائما من موته وجحيمه عملاقا والانسان العراقي بصموده الازلي اسطورة خالدة.. في هذا اللقاء يحدثنا الشاعر والاديب العراقي عن الكثير من قضايا الثقافة ويحدثنا عن العراق والجزائر

هو العراق في لهيب الارض، لا يموت ولا يحيا، فكيف هو حال اشقائنا هناك ؟ وهل ما يزال في العراق روح الامام وروح المتنبي وكلاهما علامة من علامات الدنيا والزمان ؟

صدقت، هو العراق لا يموت ولا يحيا، وكيف لرمح الله في الأرض، وجمجمة العرب أن يموت؟ قد يُثلم السيف لكن لن يُكسر .. والعراق بطبيعته وتركيبته العجيبة يستمد قوته كلما عظمت جراحه، قد لا يسعفني التوصيف مهما قلت، بلد عمق جذوره حضارة وتاريخا تمتد لآلاف السنين، لن يكبو، قد يترنح، لكنه لن يسقط ابدا .. نعم يستمد كبريائه وعنفوانه من روح الإمام الذي ناهض الظلم، ومن روح المتنبي بكلّ عنفوانه، وقبل كل هذا يستمد من قوة ايمانه بالله القيم والمبادئ ويستنهض روحه من جديد ويضمد جراحه ..

 

ما قرأت لشاعر من العراق إلا وغمرني روح المتنبي، فهل ما يزال اعز النشامى وارفا

يتدفق في وهج الشعر العراقي رغم الداء والاعداء ؟– تركيبة العراق البيولوجية تركيبة تجمع بين العاطفة الجيّاشة والحنين، وبين قيم الرجولة والفروسية والحماسة، وهذا نابع من طبيعة الارث الحضاري واحداث التاريخ التي مرّ بها عبر العصور ..وليس غريبا ابدا ان المتنبي وغيره من فطاحلة وأساطين الشعر العربي في العراق تجد توجههم الحماسي متشابه، روح الفروسية والعنفوان، وانفعالاتهم العاطفية تصب في بوتقة المزج بين العاطفة والكبرياء .. تجد ذلك حتى في فنون وألوان الشعر الشعبي، والغنائي، بل وحتى الاعمال الدرامية .. وليس غريبا ابدا ان تجد الف متنبي في العراق .. والعراق متجدد ولود … * اين تضع العراق شعريا وثقافيا في اقاليم الوطن العربي؟ وهل ترى انه الوحيد الذي يشرئب الى مطاولة ؟– لكل بلد عربي خصوصياته المحلية، طبيعة حياته، ظروفه، طبيعة مجتمعه، بثقافاتهم وتوجهاتهم وطبيعة الأحداث التي يمر بها كل بلد .. والشعر لسان حال المجتمع بأي حال، ولكن لابد للإجابة عن هذا السؤال أن نعيد للأذهان بعض العناصر والمعطيات، فكما هو معلوم أن العراق كان السبّاق في تركيز ونشر علوم اللغة والبلاغة العربية الأصيلة والنحو والصرف وغيرها، تمثل ذلك في ظهور المدرسة البصرية وكان على رأسها أبو الحسن البصريّ، والمدرسة الكوفية، والخليل بن احمد الفراهيدي، والاخفش وغيرهم .. ناهيك عن الأسماء الغزيرة في علوم اللغة وبلاغتها ..كل هذا اعطى دفقا عظيما ليصل العراق ما وصله في هذه العلوم، ومن الطبيعي أن يكون في صدارة الشعر العربي، ولا يمكن أبدا إنكار صدارة مصر وعلوم الأزهر، وسوريا وشعراء الشام، وكذا اليمن أهل الفصاحة والحضارة، والسودان، وأما في العصر الحديث فقد برزت الجزائر وتونس والمغرب بشعرائها وأدبائها الكبار، كابن باديس ومبارك الميلي المؤرخ الكبير والمفدى زكريا ومحمد رضا حوحو والطاهر وطار وأسماء ونجوم لامعة نحتاج الكثير لذكرها ..

 

كيف هو حال الثقافة و لنشر في العراق؟

في ديمومة مستمرة، تكاد لا تتوقف أبدا مهما كانت الظروف، فثقافة القراءة والكتابة والنشر تمثل عنصرا لديمومة الحياة عند العراقيين كالغذاء والماء وربما أكثر .. واقامة المعارض الدولية السنوية للكتاب في معرض بغداد الدولي، وفي محافظات الجنوب والشمال مستمر، لكن يتفرد العراق عن كل دول العالم وليس العالم العربي فحسب، في وجود شارع المتنبي وسط بغداد المطل على نهر دجلة الخالد، بمثابة معرض للكتاب طيلة أيام السنة وليوم الجمعة خصوصية بالغة الاهمية لحضور كل فئات المجتمع لهذا الصرح الثقافي والأدبي والفكري والفني من كل أرجاء العراق، بأدائه وشعرائه وفنانيه ومثقفيه ومفكريه وحتى من مرتاديه من غير هذه الصنوف .. عراقيين وعرب وأجانب، ومسؤولين ووفود عربية واجنبية .. واتمنى جدا أن تحذو الدول العربية لإنشاء وتأسيس مثل هذا الصرح خدمة للفكر والثقافة والسياحة ايضا .. * نحن امة واحدة شئنا أم أبينا، فلماذا لا نعمل كأدباء ومثقفين لكسر القطيعة المفروضة عنا، وإن عجزنا على أن نحقق حلم الأمة العربية ؟ — الاديب والشاعر والمثقف والمفكر والفنان، هذه النخب هي في حقيقة الأمر إنما هم سفراء للثقافة والانسانية والفكر وحملة لواء الرقيّ والحضارة، هم أصحاب رسالة، وتقع على عاتقهم مسؤولية أعظم مما يتصوره البعض، بل أعظم مما تتصوره الأنظمة والحكومات العربية والعالمية، لكن وللأسف الشديد نجد بعض الدول تفرض قيودا أشد على الأدباء والمثقفين
وقد حصل هذا معنا كثيرا في حضور فعاليات وانشطة ثقافية في بعض الدول، وتوجهنا من خلال رئيس اتحاد الادباء لمناشدة الدول العربية بدون تعيين الى رفع هذه القيود الخاصة بمنح التأشيرة .. ونحن كدول عربية شقيقة، تربطنا أواصر الدم والعمومة والتاريخ والهوية،وغيرها، جدير بنا أن نلغي هذه القيود فيما بيننا اسوة بدول الاتحاد الاوربي ونحن الاعمق هوية والأعمق تاريخا والأقرب دما .. نعم المسؤولية تقع على عاتق هذه النخب بكل تفاصيلها ودقائقها، واقترح من هذا المنبر ان نشكل رابطة عربية تضم هذه النخب تعمل حثيثا لازالة كل هذه العقبات فنحن امة واحدة، لن تفرقنا أبدا خطوط وهمية رسمتها قوى الاستعمار، ووحدتنا وحدة الدم والهوية والمصير واحدة لن تمحوها قوى الظلام مهما عتت وبغت …

 

هل توافقني أن الأمة العربية مستهدفة من طنجة إلى جكارتا والهدف واحد، وهو تشتيتها ووضع اليد على ثرواتها وخيراتها ؟

الامة العربية والإسلامية من أقصاها لأقصاها مستهدفة من أول منذ نشأتها والى يومنا هذا، لكنها في العصر الحديث تتعرض لأبشع مما مرّ في عصور التاريخ، من معارك وبسط نفوذ وهيمنة، وخيرات الشرق وكنوزه تسيل لعابهم، الأعمق من هذا هو اجتثاث الهوية، وتغيير الفكر، وإلغاء الانتماء .. الاحتلال بشع وخطير، لكن الأكثر خطورة والأعمق أثرا هو الاحتلال الفكري .. هذا ما يجب الانتباه العميق له، والتصدي لهذا المدّ الغربي الخبيث واللامرئي بقوة فكرية وإيديولوجية وإستراتيجية عربية موحدة، وهنا تتبين مدى فعالية القلم والفكر وعمق الرسالة التي يجب ان يضطلع بها كل اديب ومثقف ومفكر وفنان بل على عاتق كل فرد من افراد هذه الامة ..

ألا ترى أن الكاتب والمثقف العربي لم يقدم ما عليه لأمته بالرغم من انه جزء منها خاصة اين تتواجد فرصا للتعبير؟

رغم ما قدمه الكتّاب والأدباء والمثقفين العرب، عبر وسائل الإعلام، والملتقيات والمؤتمرات والانشطة والفعاليات العربية رغم محدوديتها وضآلتها نسبيا، ولم تكن بمستوى الطموح، إلا أن ما تمر به الامة يتطلب المزيد من الجهود الحثيثة، دون أن الاكتفاء بما نخرج به من معطيات إن لم تطبق بشكل واضح وملموس على صعيد التطبيق العملي، والاهم هو عنصر الديمومة والاستمرارية .. الأمة العربية ككل، تحتاج لوقفات قوية وعميقة من كل الادباء والمثقفين والمفكرين والفنانين للنهوض بواقع الأمة، وإلا لم نصل لما وصلته العديد من الدول العربية نتيجة الحروب والدمار .. واظن جازما ما حدث كان بسبب غياب دور المثقف والكاتب لمنع الكثير من الافكار والاجندات الخارجية من الاستفحال في جسد الامة ونهشها وتدمير اغلى نواتها وهو الإنسان العربي .. واسأل هنا، ما الذي لعبه الأدباء والمثقفين والمفكرين من دور فاعل وبقوة أمام ما أنتجه الغرب وخلقه وما يسميه بنظرية الفوضى الخلّاقة التي دمرت بلادا وشعوبا.

ماذا تمثل لك الجزائر بتاريخها وثورتها وهل ترقى لأن تصبح دولة محورية وترفع التحدي؟

لو سألت أي عربي أو مشرقي أو مغاربي عن الجزائر وتاريخها، ستلمس قشعريرة روحية تسري بجسده دون ارادته .. منذ طفولتي وأنا أعشق الجزائر، وتاريخ الجزائر، وثورة الجزائر، حتى الجاهل فينا آنذاك يعرف ارض المليون ونصف شهيد .. صعب جدا أن أصف ما تعنيه لي الجزائر.
ما قرأناه في دروس التاريخ ونحن صبية لا يزال عالقا في أذهاننا وقلوبنا وضمائرنا، وثقافتي الأكاديمية كشفت لي الكثير من عظائم ابطالها ونسائها ورموزها الوطنية من كلا الجنسين وتعمقت في معرفة المزيد والمزيد، والحديث في هذا قد يأخذ مني كتابة مؤلفات موثقة ولا انتهي، وفي الحقيقة كنت قد كتبت عن هذا وبأذن الله سيصدر كتابي حول تاريخ الجزائر حين تسنح الفرصة للطبع والنشر.

أما جواب الشق الثاني من السؤال، فأقول إن كان العراق بتاريخه وثقله الاستراتيجي بوابة الشرق العربي، فالجزائر بتاريخه وثقله الاستراتيجي هو البوابة الغربية، وأحداث تاريخ أمتنا العربية حافل بذكر المآثر، سيما في قضية الامة المصيرية والمحورية القضية الفلسطينية .. وحجم الدور المحوري الذي تتبناه الجزائر في كل ما يخص الامة وعروبتها ورسالتها ..الجزائر بمختصر القول وعميقه بدقة هو كفة الميزان الغربية لتوازن الامة العربية وتكافؤ القوى الإستراتيجية العالمية في السياسة الدولية.

ماذا تقول لرجال الأقلام في العالم العربي؟

حملة رسالة القلم في العالم العربي نسائها ورجالها، أقول، إننا أصحاب رسالة فكرية وثقافية وإنسانية وأدبية عظيمة، نحن امة اقرأ، والقلم، ونون وما يسطرون .. علينا أن نكون بمستوى هذي الرسالة وأن نجسدها بكل معانيها وقيمها السامية .. نكونها فعلا، قلبا وفكرا وضميرا وأن ننزه أنفسنا وعقولنا من شوائبها .. فالعلم والقلم رسالة اولا واخيرا …

هل لك من كلمة اخيرة ؟

كلمتي الاخيرة لكل الأدباء والشعراء والإعلاميين، خذوا بأيدي المبدعين الشباب بكل قوة، لتكن امتنا متجددة دائما في عطائها، امنحوا الفرص للنشا الجديد، إن كنّا حاضرها، فهم مستقبلها الواعد … هذي رسالتي وهذا ديدني وشرف قلمي .. ليكن شعارنا دون استثناء.
حاوره: الطاهر يحياوي

 

1 تعليق

  1. الصورة ليس للسيد صالح الحمداني، وإنما للشاعر العراقي صلاح الحمداني، فيرجى الأنتباه، وتغيير الصورة.
    صلاح الحمداني/ باريس

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا