رئيس الهيئة المدنية لإدماج ذوي السوابق والوقاية من العود عمار حمديي لـ"نيوز الجزائر":

حرية التعبير لا مثيل لها في الجزائر..وبعض القوانين بحاجة لإعادة نظر

0
848

الأستاذ عمار حمديني المحامي من الشخصيات الحقوقية المتميزة التي تركت بصماتها واضحة في مسار حقل العدالة الجزائرية وفي الوقوف إلى جانب القضايا العادلة والدفاع عن ثوابت الأمة بكل حزم في وجه كل ما من شأنه محاولة زعزعة استقرار وأمن الجزائر والنيل من مكتسباتها وتشويش ذاكرتها المجيدة، التقيناه في جلسة صلح بين عرشين بولاية المسيلة، فانتهزنا الفرصة لنجري معه حوارا حول أهم المستجدات على الساحة الوطنية.

***بصفتكم رئيس “الهيئة المدنية لإدماج ذوي السوابق العدلية والوقاية من العود” كيف استقبلتم قرارات العفو الأخيرة التي أصدرها رئيس الجمهورية؟

جاءت قرارات رئيس الجمهورية منسجمة تماما مع رؤيته في تأسيس فضاء من الأمل والتسامح تبنى عليه دعائم الجزائر الجديدة التي نراها اليوم تسير بخطى واثقة نحو المستقبل الذي ينشده الجزائريون، ونحن نثمّن هذه الخطوة الإيجابية التي أثمرت عن إطلاق سراح سجناء الرأي دعما للديمقراطية وبعث الطمأنينة في النفوس، وبالرغم من أن أبناءنا الذين غشوا في امتحانات البكالوريا قد أوقعوا أنفسهم تحت طائلة القانون إلا أن رئيس الجمهورية باعتباره أبا لكل الجزائريين قد أبى إلا أن يعفو عنهم ليقضوا العيد بين أحضان عائلاتهم وهو الأمر الذي أثلج صدر الكثير من العائلات الجزائرية ونوّهت به منصات التواصل الاجتماعي، وفي هذه النقطة بالذات نتمنى إعادة النظر في النصوص القانونية التي تجرم التلاميذ بالحبس لتعويضها بالحرمان من كل الامتحانات الرسمية والتأهيلية لمدة محددة أو إلزامهم بالقيام بخدمة عمومية لمدة 06 أشهر أو سنة بدون مرتب كنوع من التكفير عما ارتكبوه في حق المجتمع. ونتمنى بمناسبة احتفالات عيد الاستقلال وعيد الأضحى المبارك أن تتوسع دائرة العفو الرئاسي لتشمل فئات أخرى.

***ماذا تقصد؟

أقصد سجناء الحق العام الذين ينتظرون لفتة من السيد رئيس الجمهورية ليشملهم العفو في هذه الأيام المباركة وفي ظل اكتظاظ السجون وتوسع دائرة انتشار وباء كوفيد 19، إن أبناء المساجين وعائلاتهم يتطلعون إلى هذه اللفتة الإنسانية منذ بداية شهر جويلية وكلهم أمل في تحقّقها وصدور عفو عن ذويهم من سجناء الحق العام.

***تحدثت منذ قليل عن اكتظاظ السجون فهل من حلول بديلة؟

السجون تضم كفاءات وطنية متعددة من مهندسين في مختلف الاختصاصات وأطباء ومهنيين ذوي خبرة وغيرهم والدولة لا تستفيد منهم في شيء، فما الضير في استغلال معارف وخبرات هذه الكفاءات خارج السجون بما يخدم مشروع الجزائر الجديدة وفق برنامج وإطار قانوني تحدده الوزارة بالتشاور مع الشركاء الاجتماعيين؟ وقد تم تجسيد هذه الرؤية في العديد من دول العالم وأثبتت نجاعتها سواء على المستوى النفسي/الاجتماعي للمسجون وقدرته على الاندماج والتكيف بعد إطلاق سراحه أو على مستوى الخدمات المهنية التي يقدمها للدولة كنوع من الاعتذار للمجتمع.

***هل تنتظرون مشاريع قوانين جديدة تمس قطاع العدالة بعد التغيير الذي حدث على رأس الوزارة؟

السيد الوزير عبد الرشيد طبي من الشخصيات القانونية المتزنة والمتوازنة التي لها دراية واسعة بكل الملفات التي تمس قطاع العدالة بحكم خبرته الطويلة التي استمدها من المسؤوليات التي تقلدها عبر مساره المهني، ويتفق جميع المهنيين في القطاع أنه سيترك بصمات قوية ذات دلالة فيما يخص مواكبة بناء الجزائر الجديدة بترسانة قانونية واضحة المعالم تجمع بين الصرامة والمرونة والقدرة على التأقلم مع مستجدات المستقبل. وبحكم سمعته المهنية الطيبة وثقافته القانونية الواسعة والعميقة ووطنيته الصادقة فإن جميع الشركاء مستعدون للتعامل الإيجابي معه، ولا أشك أبدا بأن القادم أفضل لمصلحة الوطن والمواطن.

***كيف يمكن أن تنخرط هيأتكم في مسيرة الجزائر الجديدة؟

أتمنى أن تفتح الوزارة نقاشا مع الشركاء الاجتماعيين الفاعلين في الميدان حتى يتسنى لنا تقديم رؤيتنا حول العديد من الملفات الجوهرية التي نرى ضرورة إعادة النظر في بعضها أو تعزيز بعضها الآخر بما يتماشى مع توفير المناخ القانوني الذي يسمح للجزائر بدخول المستقبل بكل ثقة وأمان، والجميع يعلم أن القوانين تتطور بتطور المجتمعات وتسعى لتقنين المستجدات على جميع الأصعدة وترسم معالم تطور الدولة في ظل المتغيرات المحلية والدولية. وقد شرعت “الهيئة المدنية لإدماج ذوي السوابق العدلية والوقاية من العود” في تكوين ملف حول أهم القضايا التي ترى ضرورة مناقشتها مع الوصاية بتقديم مقترحات عملية لبعض القوانين والممارسات التي ترى أن إعادة النظر فيها سيعود بالفائدة على الوطن والمواطن.

***بصفتك ناشطا حقوقيا كيف تقيّم مستوى حرية التعبير في الجزائر؟

لو قمنا بمقارنة بين هامش حرية التعبير في الجزائر وبين بقية الدول العربية لوجدنا أنفسنا في الريادة بدون منازع بفضل المنظومة القانونية الوطنية التي كرست هذا الحق وعلى رأسها الدستور الجديد، وبإطلالة بسيطة على القنوات التلفزيونية وعلى الصحف الوطنية الورقية منها والإلكترونية سنجد أنها تخوض في كل القضايا المطروحة على الساحة الوطنية وتنتقد النقائص بكل حرية وتسلط الضوء على ما تراه جديرا بذلك دون أن تجد ما يحد من حريتها بهذا الخصوص. وحرية التعبير مكسب تستعمله الشعوب لتعزيز مكتسبات أوطانها وتدفع بها إلى التقدم والأمن والتميز.

والآن دعني أطلب من القارئ الكريم أن يعطيني دولة واحدة في العالم ترى أن المساس بالوحدة الوطنية وبأمن واستقرار البلاد والتشكيك في تاريخها وفي رموزها الوطنية جزءا من حرية التعبير، إن حرية التعبير تعني أن تنطلق آراؤك من داخل دائرة الوطنية التي حدد الدستور معالمها أما الانطلاق من خارجها فهو مساس بالوطن وبأركان سيادته في ظل تكالب العديد من القوى لزعزعة استقرار الجزائر والزج بها في طريق المجهول، ورحم الله المجاهد سليمان عميرات الذي قال: “لو خيّرت بين الديمقراطية والجزائر لاخترت الجزائر”.

***كلمة أخيرة؟

أشكر جريدة “نيوز الجزائر” التي أتاحت لي هذه الفرصة لأطرح بعض الانشغالات التي أراها تخدم الوطن وتعزز جهاز العدالة، معبرا عن دعوتي للجزائريين والجزائريات بضرورة السير معا بكل ثقة لبناء وطننا الذي ليس لنا غيره ونؤسس معا للغد الذي نتمنى أن يعيش فيه أبناؤنا وأحفادنا.

عاشت الجزائر قوية آمنة

والمجد والخلود لشهدائنا الأبرار.

حاوره: عبد الحميد يحياوي

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا