باماكو تدخل خط الهجوم الديبلوماسي

1
318
باماكو

في خطوة جريئة وسابقة ديبلوماسية أقدمت عليها سلطات مالي بطرد السفير الفرنسي بباماكو، بعد أن أبلغه وزير الخارجية المالي قرار الحكومة بالمهلة التي منحت له لمغادرة البلاد، ويأتي هذا التطور الأول من نوعه على مستوى العلاقات الثنائية بين البلدين بعد التصريحات غير الودية التي أدلى بها مؤخرا وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان تجاه السلطات المالية، وجاء هذا القرار المفاجئ في ظروف صعبة للغاية تعيشها البلاد بعد انسحاب القوات الفرنسية من عدة مدن مالية على غرار تومبكتو، تيساليت وكيدال، أمام تزايد المد الارهابي والصراع الإثني في مناطق ذات البعدين الاجتماعي والأمني.

تعامل فرنسا مع الأزمة في مالي هو قرار أحادي الجانب بدوافع المصلحة والمنفعة ، وتقاسم الأدوار في المنطقة باعتبارها موقعا إستراتيجيا وذات بعد اقتصادي من جهة أخرى، الأمر الذي يهدد قبضة ماكرون على المنطقة ويجعل السباق نحو التموقع في مالي قائما أكثر من ذي قبل وقد فتح الشهية لبقية الدول ذات التأثير الدولي مثل الولايات المتحدة الأمريكية الحليف التقليدي، روسيا، الصين، تركيا وبعض دول افريقيا التي ظلت لسنوات عديدة تنتظر السلم والأمن يعودان الى مالي ولا يهم إن كان على ظهر دبابة، أو دمار البلد.

منذ الانسحاب العسكري الفرنسي من قاعدة تمبكتو لم تفلح محاولات تودد الاليزيه من اذابة الجليد على مستوى التعاون الذي ظل فاترا دون استجابة من حكومة مالي الجديدة التي فهمت أن فرنسا لديها أغراض اخرى من وراء انسحابها العسكري للتموقع ضمن الخارطة السياسية والاقتصادية والاجتماعية الجديدة..

تبقى ورقة محاربة الإرهاب في منطقة الساحل الصحراوي التي تلوح بها فرنسا كل مرة بحثا عن ضمان من الاتحاد الأوروبي ماهي إلا ذر للرماد في الأعين، لأن إدارة الصراع في المنطقة ذات التوتر العالي عمق الشرخ الاجتماعي في الجبهة الداخلية بعاصمة الجن والملائكة وعوض كسب التأييد الدولي تغيرت المعادلة بعد ظهور فواعل جديدة، بحيث لم يبق الصراع بين باريس والمجلس العسكري المالي، إنما دخلت فواعل أخرى خارجية وغيرت قانون اللعبة
حكومة مالي اليوم لا تبحث عن الشراكة التي سبق وأن أعلن عنها قائد قوة برخان الجنرال اتيان دوبيرو بتمكين مالي من أخذ مصيرها بيدها في اطار شراكة بمفهوم فرنسي أحادي الجانب “صفحة تطوى لكن تبقى مهام القوة الفرنسية قائمة” لكنها تبحث عن احترام السيادة والشعب المالي بمراجعة اتفاقيات التعاون الدفاعي والأمني مع فرنسا بعد اكتشاف خروقات تمس بسيادة البلد عكس ما تراه فرنسا بأن يهدد مصالحها غير المعلنة، وعوض إذابة الجليد بين الحكومتين سيتحول الصقيع إلى كرة ثلج في ربيع آت.

دراجي الاسبطي

1 تعليق

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا