عندما يفقد العالم بوصلته الأخلاقية تجاه غزة

الأرقام القياسية للقتل بالقنابل أم بالأمراض والمجاعة

0
316
ما زال كيان الاحتلال الصهيوني مستمرا في خلق بيئة مميتة للإنسان، بالدمار والإبادة الجماعية، ويقرر بعنجهية التغطرس مصير المواطنين الفلسطينيين في كيفية وخيار الموت والنزوح القصري ثم الحصار نحو التهجير.
ولم تتوصل دعاوى الاستجداء بوقف إطلاق النار وحماية المدنيين في قطاع غزة، بالرغم من تحذيرات الأمم المتحدة ووكالاتها ومنظماتها المختصة و”الأونروا” وعديد المنظمات الدولية الحقوقية والإنسانية.
ومع اتساع الكارثة الانسانية التي فرضت على الشعب الفلسطيني، أصبحت الإبادة الجماعية التي تشهدها غزة حاليا مرتكبة بإذن من العالم وعلى مرأى ومسمع منه، بتعبير المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بفلسطين.
وأعتبر الرئيس عبد المجيد تبون، على هامش زيارته الميدانية لولاية الجلفة، أن ما يرتكب في غزة جرائم متكاملة الأركان ضد الإنسانية وجرائم حرب، وهو الموقف الذي جدده، في خطابه إلى الأمة، معتبرا أن ما تشهده غزة وصمة عار على البشرية وليس فقط العرب.
أرقام المأساة الذي ضمنها خطابه ظلت مفتوحة على التحيين التصاعدي بشكل قياسي غير مسبوق في مستوياتها المختلفة الصحية والطبية والغذائية والبيئية والإنسانية.
وأوضحت وزارة الصحة الفلسطينية في تقريرها اليومي حول تطورات العدوان الصهيوني المتواصل منذ 92 يوما، إلى ارتفاع عدد الشهداء إلى 22.722 شهيدا و58 ألفا و166 جريحا من بينهم 9 آلاف طفل و5.300 إمرأة، فيما أصيب 57.910 فلسطينيا، غالبيتهم من الأطفال بنسبة 70بالمائة.
وقال المتحدث باسم الدفاع المدني في غزة، أن هناك أكثر من 8 آلاف مفقود في قطاع غزة منذ بدء العدوان الصهيوني على القطاع في 7 أكتوبر الماضي، وهم تحت الأنقاض بسبب الهجمات المستمرة وعدم كفاية مهمات الإنقاذ.
وحتى المشمول بقواعد دولية من قبيل اتفاقيات جنيف تعرض للانتهاك حيث استهدفت المستشفيات وسيارات الإسعاف والطواقم الطبية، وتتعرض منظمات الإغاثة الطبية مثل منظمة أطباء بلا حدود ومنظمة إنقاذ الطفولة للهجوم، وفقدت عاملين فيها، مثلما هناك أكبر خسارة في الأرواح لموظفي الأمم المتحدة في تاريخ المنظمة، واستهداف الصحفيين الذين ارتفع عددهم منذ بدء العدوان الصهيوني والإبادة الجماعية على قطاع غزة إلى 109 شهداء.
حرب الاحتلال الإسرائيلي على غزة مميتة بالنسبة للأطفال بل الأكثر فتكا ممنهجا بالأطفال في الآونة الأخيرة، فقد لقي ما يقارب من مائة وستين طفلا مصرعهم يوميا وفقا لمنظمة الصحة العالمية التي قارنت ذلك بثلاثة أطفال في اليوم في الصراع في سوريا، واثنين في اليوم في أفغانستان و0.7 في اليوم في أوكرانيا.
من المرجح حسب خبراء الصحة العامة أن يزداد وفاة عدد من الأطفال من جراء أمراض يمكن الوقاية منها أمام عدد من يموتون بالرصاص والقنابل.
في تصريح المتحدثة باسم منظمة الصحة العالمية، الدكتورة مارجريت هاريس، أن معدلات الإسهال بين الأطفال في غزة تفوق مائة مرة المستويات الطبيعية، ومع عدم توفر علاجات، يمكن أن يصاب الأطفال بالجفاف ويموتون بسرعة، كما زادت أيضا حالات إلتهابات الجهاز التنفسي العلوي، وجدري الماء، والأمراض الجلدية المؤلمة، وهناك مخاوف من أن تؤدي فيضانات الشتاء إلى اختلاط مياه الصرف الصحي غير المعالجة بالمياه العذبة المستخدمة في الشرب والطهي، بما يتسبب في تفشي الكوليرا.
كما تشير تقديرات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين التابعة للأمم المتحدة إلى أن 90% من سكان غزة قد نزحوا بصورة قسرية خلال ثلاثة أشهر من العدوان، ويقدر خبراء يحللون عمليات سابقة لنزوح اللاجئين أن معدلات الوفيات (لكل 1000 شخص) كانت أعلى بحوالي ستين مرة، واستنادا إلى الوضع الحالي في غزة، حيث كان معدل الوفيات لكل ألف شخص قبل الحرب هو 3.82 في عام 2021 (وهو معدل منخفض نسبيا بسبب الديموغرافيا الشابة)، إلا أنه يمكن أن تصل معدلات الوفيات إلى 229.2 في عام 2024 إذا ما استمرت الحرب.
على مرأى الخرق الواضح للقانون الدولي، يتابع العالم من دون تحرك، احتمال وفاة ما يقارب من ربع سكان غزة الذين يبلغ عددهم مليوني نسمة -أي ما يقارب نصف مليون إنسان في غضون عام واحد-، وستكون هذه وفيات ناجمة إلى حد كبير عن أسباب صحية يمكن الوقاية منها وعن انهيار النظام الطبي.
إنه الوجه الآخر والمتكامل لحرب الاحتلال على غزة، فنقص المياه والغذاء والدواء والوقود والحماية يشكل تهديدا يفوق تهديد القنابل التي تقصف من الجو والبحر على حياة الآلاف في غزة .. هي حرب الابادة والقتل الجماعي لشعب على مرأى العالم.

 

يقين محمد نضال

 

 

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا