الناشط الجمعوي "رفيق بوريش" في حوار لموقع "نيوز الجزائر":

“فكرة البنك الغذائي مازالت قائمة ووسائل التواصل الاجتماعي أثرت على العمل التطوعي”

0
2148
بدخول شهر رمضان يزداد الإقبال على النشاطات التطوعية لمساعدة المحتاجين، وفي هذا الإطار، تقرب موقع “الجزائر نيوز” من أقدم المتطوعين الشباب في هذا المجال بولاية وهران، إنه “رفيق بوريش”، الذي وقّع بصمة في العمل التطوعي لاسيما مع الفئات الهشة بسعيه الدائم لتقديم الأفضل، فكان هذا الحوار:
يعتبر العمل التطوعي جينات تسري في دمكم، ما هو مصدر هذه الرغبة الملحة في القيام به؟
✓ العمل التطوعي منبعه عائلتي، خاصة والدتي التي كانت تشتغل مشرفة اجتماعية في إحدى الشركات، وكانت تزور مراكز التكفل بالأطفال ورعاية الفتيات. وقد أخذت هذا النشاط كجزء من يومياتها خارج مهنتها. غالبا ما كانت تصطحبني معها في صغري، خاصة بمراكز الفتيات المسعفات، اللواتي كن بحاجة إلى رعايه طبية، كما كانت تحضرهن لمقاسمتنا فرحة المناسبات والأعياد ببيتنا. هذا ما خلق داخلنا رغبة في الاستمرار في هذا النشاط الذي يزرع فرحة وسعادة لدى الآخرين. بعدما أصبحت ناضجا اتخذت سبيل مساعدة الآخرين، وقد استمريت في زيارة مركز البنات المسعفات التابع لمديرية النشاط الاجتماعي بولاية وهران، لتتوسع نشاطاتي إلى باقي المراكز التابعة لهذه الهيئة، ومنه توسع اهتمامي إلى العائلات خارج هذه المراكز. وقد حصل أنني اتخذت قرار الابتعاد عن ممارسة هذا النشاط مرات عديدة إلا أنني سرعان ما أعود إليه بأكثر رغبة وهو ما جعلني أتخذ قرارا نهائيا بالمواصلة في أدائه.
نشاطكم التطوعي لم يقتصر على التكفل المادي بالأشخاص، بل تعداه إلى عمليات كبرى كترميم وإعادة تهيئة مراكز تابعة لمديرية النشاط الاجتماعي، ما هو مصدر تمويلكم في هذه العمليات؟
✓ اهتمامي بتوفير الأغذية والملابس كان في بداية نشاطي، ومع مرور الوقت واكتساب الخبرة تجاوزتها للقيام بنشاطات أكثر أهمية، على غرار تهيئة فضاءات لعب بمركز الطفولة المسعفة وإنجاز حمامات بمركز البنات المسعفات والمسنين الذكور، وعدة إنجازات ميدانية يدوم استغلالها سنوات من طرف تلك الفئات الهشة (مراكز طفولة مسعفة ومسنين….). لقد تغيرت نظرتي إلى العمل التطوعي والعمل الخيري مقارنة بباقي القائمين بهذا النشاط، لدي أفكار مهمة وقابلة للتجسيد ويمكنها أن تساهم في تخفيف معاناة العائلات المحتاجة والمحتاجين بصفة عامة.
ما هي الإضافة التي قدمتها إلى المقيمين بهاته المراكز التابعة لمديرية النشاط الاجتماعي؟
✓ بالنسبة للفئات الهشة المتواجدة بالمراكز التابعة للنشاط الاجتماعي، فقد تجاوزنا الاهتمام بما يحتاجونه كغذاء ولباس إلى محاولة تحضيرهم للاندماج بسهولة في المجتمع، عندما تحين الساعة ويجدون أنفسهم وجها لوجه مع أفراد المجتمع، وذلك عن طريق توفير تكوينات خاصة تسمح لهم بمزاولة نشاطات وتحصيل مداخيل للتكفل بأنفسهم دون الحاجة للاتكال على الغير، مثل تكوين الفتيات في مجالات الحلاقة، الطبخ والخياطة كما هو الحال كذلك بالنسبة لفئة الذكور، وهي الطريقة التي تساعد على القضاء على ظاهرة اتكال هذه الفئات على الغير لخدمة حاجتها وإدماجهم بصورة طبيعية في المجتمع.
كيف ترى العمل الخيري اليوم في المجتمع الجزائري؟
✓ العمل الخيري في المجتمع الجزائري كان ولا زال وسيظل متواصلا، لأننا في مجتمع مسلم، والإسلام يحثنا على التكافل والتعاون والتآزر، إلا أن التغير الذي طرأ على النشاط هو ظهور ما يعرف بوسائط التواصل الاجتماعي، ففي الماضي كان الفرد يقوم بالعمل الخيري من أجل مساعدة المحتاج دون إحراجه عن طريق الصور أو الحديث عنه، بينما اليوم وسائل التواصل الاجتماعي أضحت سلاحا ذو حدين، استغلالها في الترويج للأعمال الخيرية يحفز المتلقي على الانخراط في هذا العمل أو النشاط غير أن سلبيتها تتمثل في تلك الإهانة التي تلحق بمتلقي المساعدة بعدما يتم تصويره ونشره عبر هذه الوسائط، مما يخلق له إحراجا أمام عائلته لاسيما الأولاد خاصة خلال المناسبات، على غرار رمضان وعيد الأضحى، وهنا يمكننا القول أن البعض أصبح يستغل هذه المواقع للترويج لأعماله الخيرية لتحقيق منافع شخصية على حساب كرامة المحتاج.
كان هناك مشروع ضخم مميز بصدد التجسيد، يتعلق بإنجاز “بنك غذائي” لفائدة المحتاجين، في أية مرحلة يوجد؟ 
✓ فيما يتعلق بإنجاز “بنك غذائي”، فكرته لاتزال قائمة وهي تخضع للتمحيص والتعديل، في انتظار توفير كل لوازم الانطلاقة في تجسيده لأنه يحتاج إلى مساعدة خاصة وتمويل هام تشترك فيه عدة أطراف، ودراسة دقيقة ومتأنية، لأنه سيكون مشروعا نموذجيا ينجز لأول مرة ببلدنا، حيث سيعتمد أيضا على إدماج أو إدراج نشاطات فنية وثقافية لدعمه حتى يحقق ما نرجوه، لأنه سيكون بمثابة المخزن الغذائي للعائلات المحتاجة التي سنعمل على برمجة تموينها أسبوعين أو شهريا بالمواد الغذائية، على أن يتم إحصاء قائمة المستفيدين حتى لا يستفيد صاحبها أكثر من مرة في العملية الواحدة.
ماهي التحديات التي تواجه العمل التطوعي؟
✓ التحديات التي تواجه العمل التطوعي هي أن كل الجهد المادي والمعنوي المبذول في هذا المجال لا يفي بالغرض، وكلما قدمت كل ما اكتشفت نقائص وهذه ليست محددة بالجزائر فقط، وإنما هي ظاهرة عالمية، لأن المطلوب هو تحفيز وتشجيع هؤلاء المحتاجين على خدمة أنفسهم وتحمل المسؤولية عوض الاتكال على الآخرين. وهي الطريقة الوحيدة التي تخفف من هذا المشكل، وهنا لا أقصد المرضى بل أولئك الأشخاص الذين يتمتعون ببنية جسدية وعقلية تسمح لهم بالعمل وتحصيل مدخول يجنبهم طلب المساعدة.
هل توجد شروط لنجاح العمل التطوعي؟
✓ من شروط نجاح العمل التطوعي، هو تلك المسؤولية التي يجب على القائم بهذا النشاط أن يشعر بها، لأنها مهمة ذات مردودية على الفرد والمجتمع وليست تمضية للوقت، إضافة إلى تحليه بالانضباط والاستمرارية، لأنه مع مرور الوقت سيواجه تحديات ويكون عليه أن يجد الحلول ويتجاوزها لبلوغ الهدف الذي رسمه من البداية.
كيف يمكن إدماج الناس في العمل التطوعي؟
✓ يمكننا إدماج الناس في العمل التطوعي عن طريق تحفيزهم على الأخذ بالمبادرة لمساعدة الغير وفي كل الأمور التي تحتاج إلى دعم من الآخرين، وذلك عن طريق اصطحابهم لمشاهدة كيفية القيام بهذا النشاط والنتيجة التي يخلفها والانعكاس الذي يظهر على الشخص المتطوع، حتى يقتنع بأن المردودية لن تكون مادية وإنما معنوية لاسيما مع الأشخاص، لأنه سيرى الفرحة والسعادة ظاهرتين على وجه متلقي المساعدة، فيما يعرف “بجبر الخواطر”، وهذا هو المهم في هذه العملية، إلى جانب توعيته بأن العمل التطوعي لا يقتصر على فئة أو مجال معين بل يخص الجميع في كل المجالات، ويحتاج إلى تكاتف الجميع دون استثناء. كما أنه علينا أن نقتنع أن مجتمعنا يفرض علينا أن نقدم خدمة أو خدمات من أجل تقويته والنهوض به، عن طريق ما يعرف بتقديم “القيمة المضافة”، أي أننا إضافة إلى قيامنا بواجبنا المهني مقابل أجرة، علينا أن نطرح السؤال التالي: ما الذي يستحقه أو يحتاجه هذا المجتمع وعلينا تحقيقه، وفي هذا الإطار نوجد عدة أوجه على غرار عمليات غرس الأشجار، تنظيف المحيط إلى غيرها من الأعمال التطوعية.
كيف يمكن أن يساهم العمل التطوعي في تكوين الشخصية ومستقبل ممارسه؟
✓ للعمل التطوعي دور مهم في بناء شخصية الفرد، فهو يخلق أو يفعِّل الشعور بالآخرين سواء كانت العائلة، الأقارب أو أناس بعيدين ولكنهم يحتاجون إلى مساعدة، كما أنه يربي في داخل الفرد حب الخير للجميع وبالتالي يزيد من حرصه على زرع الابتسامة على وجه غيره، وتعلقه بوطنه تبعا لتلك الأعمال التطوعية التي يقوم بها في المجتمع.
بالعودة إلى جمعيتكم “إيثار” ماهو برنامجها التطوعي الجديد ؟ وهل حققت كل أحلامها؟
✓ جمعيتنا  “إيثار” ما زالت حديثة النشأة، وقد أنشأتها بعد أن توسعت أفكار الإبداع في النشاط التطوعي، التي لا يمكن تجسبدها إلا عن طريق مسار قانوني يتمثل في جمعية تؤطره، وهي تحتاج إلى دعم وإحاطة بشرية ومادية لتجسيد مشاريعها المجتمعية المهمة، التي ما زالت حبرا على ورق، ومنها البنك الغذائي، كما أننا في هذه الجمعية نحضر من أجل خلق خلايا، كل خلية منها تكلف بمهام محددة، لأن العمل التطوعي متشعب وغير محدد، رغبة منا في تقديم أقصى ما يمكننا تجسيده.
ما هي نصيحتك أو كلمتك الأخيرة؟
✓ نصيحتي وكلمتي الأخيرة في هذا الحوار هي دعوة أولئك الأشخاص الذين لا علاقه لهم بالعمل التطوعي، للتخلي والابتعاد عن هذا المجال وتركه لمن يرغب حقيقة في القيام بهذا النشاط، حتى لا يشوشوا ويخلقوا الفوضى وسط هذا العمل الإنساني الضروري في المجتمع، كما أنني أدعو كل من يريد أن يقدم مساعدة أو خدمة للآخرين أن لا يمس بكرامتهم ويجرح كبرياءهم عن طريق تصويره، بل العمل على مساعدتهم بعيدا عن الكاميرا ودون ضجيج. باختصار من العار المتاجرة بمأساة الآخرين.
شكرا لمنحكم لي هذه المساحة لأعبر فيها عن وجهة نظري للعمل التطوعي.
حاورته: عفاف. م 

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا