هكذا تشتغل المخابرات المغربية وسلاحها شراء الذمم

0
518

يقدم العميل السابق في المخابرات المغربية، فريد بوكاس، قراءة موسعة للفضيحة التي هزت المخابرات الخارجية المغربية، التي تأكد تورطها في دفع رشاوى لأعضاء في البرلمان الأوروبي.
ويكشف بوكاس في هذا الحوار مع “الشروق”، طريقة العمل القذرة التي تعتمدها الأجهزة الأمنية المغربية عامة والمخابرات خاصة في كيفية شراء الذمم، وإخضاع المكون المغربي من أحزاب وجمعيات ونقابات لما يسميه “أم الوزارات” في إشارة منه لوزارة الداخلية.

كيف تقرأ الفضيحة التي فجرتها وسائل إعلام غربية، عن ضلوع المخابرات المغربية في دفع رشاوى لنواب في البرلمان الأوروبي؟

الرشوة بالنسبة للنظام المغربي ليست بشيء جديد، بل يعود تاريخها إلى سنة 1983 بعد ما فاز الحزب الاشتراكي الإسباني في الانتخابات العامة، حيث كان يقضي رئيس الحكومة الإسبانية فيليبي كونزاليس آنذاك إجازته الصيفية رفقة زوجته وأبنائه عطلهم الصيفية في المغرب وبالتحديد بمدينة طنجة، وسرعان ما تمّ اكتشاف امتلاك الزعيم الاشتراكي لقطعة أرض مهمة على شاطئ البحر، بجوار منتجع محمد السادس الصحي، ولإبعاد الشبهات التي كان تدور حول رئيس الحكومة الإسباني أنذاك، قام ببيع العقار بمبلغ 2.5 مليون يورو.
من هنا بدأت الرشوة تلعب دورها الاستراتيجي والسياسي وحتى الأمني، وعلينا أن لا ننسى الرشوة التي قدمها محمد السادس للملك الإسباني المتنحى عن العرش خوان كارلوس، وهذه الرشوة كانت عبارة عن قطعة أرضية بمدينة مراكش مساحتها 40 هكتارا .
أما بالنسبة لقراءتي لضلوع المخابرات المغربية وخصوصا الخارجية التي يديرها محمد ياسين المنصوري، فما هي إلا دليل عن مدى فشل الدبلوماسية المغربية من جهة، والنظام المغربي من جهة أخرى في إقناع الاتحاد الأوروبي من أجل تحسين صورته، وخصوصا فيما يتعلق بحقوق الإنسان وكذا قضية الصحراء الغربية، رغم أن قرارات البرلمان الأوروبي ملزمة بالنسبة للدول الأعضاء، إلا أنّ كل دولة تتخذ قراراتها المستقلة والمتعلقة بالعلاقات الثنائية سواء أكانت سياسية أو اقتصادية أو أمنية، وهذا ما لم يفكر فيه النظام المغربي، نظرا لسياسته الهجينة أو المراهقة السياسية إن صح التعبير.

أي تأثير لهذه الفضيحة على صورة الأجهزة الأمنية المغربية في الداخل والخارج؟

الأجهزة الأمنية المغربية فقدت مصداقيتها منذ سنوات مضت، حيث كانت تستخدم الإرهاب كورقة رابحة، وحسب تقارير استخباراتية أوروبية، أن ما يزيد عن 90 في المائة من العمليات التي تعرضت لها بعض الدول الأوروبية، كان منفذوها من أصول مغربية، ما جعل الاستخبارات الأوروبية تعيد النظر في مثل هذه القضايا.
ولما بدأنا بفضح أساليب المخابرات المغربية واستغلال ورقة الإرهاب، لم نسمع عن حادث بعد ذلك، لأن قراءتنا لمثل هذه الوقائع الأمنية، لم تكن عبثية، بل من صميم الواقع والتجربة المتواضعة في المجال المخابراتي أو الاستخباراتي، وبذلك الاستخبارات المغربية فقدت مصداقيتها سواء داخل المغرب أو خارجه.
وشخصيا تلقيت عدة تهديدات بالقتل بشكل شبه يومي حتى لا أستمر في فضح هذه الجرائم التي تسيء إلى البلد من جهة وإلى الشعب المغربي بشكل عام، وبما أن قناعاتي لا تسمح لي بالسكوت عن الحق، التجأت المخابرات المغربية لحذف قناتي على اليوتوب.

اشتغلت في أحد الأجهزة الأمنية المغربية، هل مسألة منح الرشاوى، يتم العمل بها بشكل عادي؟

المخابرات المغربية، وحين أقول المخابرات المغربية فلا أقصد بها المديرية العامة لمراقبة التراب (الديستي) التي كنت أنتسب إليها فحسب، بل هي عدة أجهزة منها الاستعلامات العامة، مديرية الشؤون الداخلية التي نجد مقراتها في كل مناطق المغرب مدنا وقرى، وأجهزة أخرى تابعة للجيش وأخرى للقصر الملكي.
وكل هذه الأجهزة تملك ما يسمى بالصناديق السوداء، من خلالها يتم إرشاء كل من لا يخضع بإرادته، فالرشوة تعتبر ثقافة لدى هذه الأجهزة، وفي القصر الملكي يطلقون عليها “هدية الشرفاء”.
ولولا الرشوة ما كانت الأحزاب السياسية المغربية والنقابات والجمعيات والمنظمات خاضعة خضوعا تاما لأم الوزارات التي هي وزارة الداخلية، حيث تتلقى التعليمات مباشرة من القصر الملكي.

على هذا الأساس، وبالنسبة للأجهزة الأمنية المغربية، وانطلاقا مما حصل، هل ستُعتبر المخابرات المغربية غير موثوق بها؟

كما سبق وأن قلت، إن المخابرات الغربية فقدت ثقتها في الاستخبارات المغربية منذ انتشار ظاهرة العمليات الإرهابية في أوروبا، ربما كانت هناك بعض الدول التي كانت لازالت في تنسيق معها في المجال الأمني، وبعد هذه الفضيحة التي قادت كل من الوكيل العام البلجيكي ونظيره الإيطالي وكذا اليوناني، إلى فتح تحقيق مع 60 عضوا في البرلمان الأوروبي، وحسب علمي، أن السلطات البلجيكية، أصدرت مذكرة إيقاف في حق المدير العام للمخابرات الخارجية المغربي محمد ياسين المنصوري من أجل التحقيق معه.

وهذا إن دل على شيء، إنما يدل على أن المخابرات أو الاستخبارات الأوروبية فقد ثقتها التامة في نظيرتها المغربية، وإلا فلماذا يتم إصدار مذكرة إيقاف في حق حليفهم محمد يس المنصوري؟قبل قضية منح الرشاوى التي كشفتها وسائل إعلام غربية، تم الكشف وعبر تحقيقات صحفية كذلك، عن اعتماد النظام المغربي التجسس عبر برنامج بيغاسوس، حتى على أطراف خارجية تعرف بأنها حليفة، هل الرشاوى والتجسس، صفات لصيقة بالأجهزة الأمنية الغربية؟

المخابرات المغربية ليس لها حليف، إنها تشتغل على شكل عصابات، فالتجسس على الدول الحليفة، ليس بشيء جديد وتستخدم مثل هذه الأفعال للحصول على أدلة قد تدين شخصية ما، وبذلك يتم ابتزازه، فيكفي قضية التجسس على رئيس الحكومة الإسباني بيدرو سانشيز وتم سحب من هاتفه ما يزيد عن 450 ميغابيت من الأرشيف، السبب الذي أدى إلى إقالة المدير العام للاستخبارات الإسبانية وتعيين مدير آخر بعد ما وجه اتهاما صريحا للمغرب، لكن المدير الجديد بعد أسابيع استبعد المخابرات المغربية عن الشبهة وهذا يطرح ألف علامة استفهام.
وعلينا أن لا ننسى الرسالة التي بعث بها رئيس الحكومة الإسبانية سانشيز إلى محمد السادس التي يؤيد فيها أطروحة المغرب في منح الحكم الذاتي للصحراويين، وهذا لم يأت من محض الصدفة.

وعلينا أن لا ننسى التجسس على هاتف ماكرون الرئيس الفرنسي وعدد من وزرائه، ما جعل فرنسا تتخذ موقفا ضد المغرب، ولا أتحدث هنا عن قضية التأشيرات، فهذه القضية كانت مجرد هروب إلى الخلف، حيث لن ترضى فرنسا أن يتجسس المغرب على رئيسها ووزرائها، لكن العقوبة الفرنسية كانت غير مباشرة، وذلك بعدم اتصال ماكرون بمحمد السادس أثناء وجوده بالمستشفى العسكري الفرنسي، حيث كان يتلقى العلاج لمدة طويلة.
أما ما يتعلق بالرشوة، فكما سبق لي أن ذكرت سالفا، فالمخابرات المغربية تعتبرها ثقافة، بلا رشوة وبلا تجسس، لن تكون هناك أجهزة استخباراتية مغربية.

 

 

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا