هذه تفاصيل المبادرة جزائرية لحلّ أزمة سدّ النهضة

0
807
سد النهضة

كشفت مصادر دبلوماسية مصرية لجريدة “العربي الجديد”، أن المبادرة الجزائرية للتوسط في قضية سد النهضة تقوم في الأساس على التوفيق بين مصر والسودان وإثيوبيا، لإقناعهم باللجوء إلى المادة العاشرة من اتفاق المبادئ المبرم في مارس 2015، من أجل إيجاد وساطة ملزمة، تُنهي حالة الجمود في المفاوضات المسيطرة على الملف لفترة عام ونصف العام، تخللها نجاح أديس أبابا في إنجاز مرحلتين من ملء السد. وحول التطورات الأخيرة، تفيد المصادر بأن وزير الخارجية رمطان لعمامرة، الذي اختتم من القاهرة جولة أفريقية شملت الخرطوم وأديس أبابا أيضاً، تحدث خلال اجتماعه الثنائي مع نظيره المصري سامح شكري، والاجتماع الموسع بين قيادات الخارجية في البلدين، عن إمكانية تأدية الجزائر دوراً كبيراً للتوسط لتفعيل المادة الخاصة بالوساطة الملزمة. وتعمل الجزائر على إقناع الدول الثلاث بإتباع هذا المبدأ كحل ممكن ووحيد للقضية، على أن تشارك الجزائر في حال الحاجة إليها في فريق متعدد الدول أو الجهات، لاقتراح الوساطة الملزمة، أو أن تسهّل اتفاق الدول الثلاث على وسيط وحيد.

ويفتح المبدأ العاشر من الاتفاق باب الوساطة الدولية الملزمة، لكنه يتطلب “اتفاق الدول الثلاث على ذلك”، وهو ما لم يتوفر رسمياً في أي مرحلة سابقة من النزاع، لأسباب عدة. فالسودان الذي يبدو من الناحيتين الفنية والاقتصادية مستفيداً من بناء السد، كان يجدد ثقته في إمكانية التغلب على الخلافات باستمرار المفاوضات، قبل أن يطالب بالوساطة أخيراً.

أما إثيوبيا فترفض اللجوء مرة أخرى بعد جولة مفاوضات واشنطن، إلى الرقابة أو الوساطة السياسية، بحجة أن القضية فنية فقط. وبالنسبة إلى مصر فتخشى استمرار إهدار الوقت من دون حصول اتفاق نهائي ملزم، خصوصاً بعدما أصبح تحكم إثيوبيا السيادي في السدّ أمراً واقعاً بإنجاز مرحلتين من الملء. وبناء على هذه التطورات، يحاول لعمامرة إيجاد مساحة توافق تجعل الدول الثلاث تستقر على تفعيل المبدأ العاشر، على أن يتم ذلك في صورة لقاءات ثلاثية مباشرة بحضور الجزائر وممثلي الاتحاد الأفريقي على المستوى الوزاري والرئاسي أيضاً، مع عرض استضافة الجزائر هذه اللقاءات لتسهيل التباحث وتخفيف الحساسيات. وتوضح المصادر أن السودان ومصر وافقا مبدئياً على المبادرة الجزائرية، باعتبارهما يقبلان أي جهد إقليمي أو دولي لحل الأزمة، وتعهّدا بإبداء المرونة تجاه الأفكار المختلفة التي قد تساهم في التوصل إلى اتفاق.

في المقابل، فإن إثيوبيا تحفظت على المبادرة وطلبت، من أجل إبداء حسن نوايا، من الجزائر أن تعمل على تراجع جامعة الدول العربية عن موقفها السابق الداعم بشكل مطلق لمصر والسودان والمدين لإثيوبيا بالإجماع، وهو الموقف الذي يمثل عامل قلق بالنسبة لأديس أبابا. لكن لعمامرة، بحسب المصادر المصرية، لم يتعهد بشيء في هذا السياق، عدا العمل على تقريب وجهات النظر بين إثيوبيا والدول العربية، باعتبارها من دول الجوار والعمق الاستراتيجي لشمال أفريقيا والخليج العربي، وتربطها صلات اقتصادية وسياسية مهمة بمعظم الدول العربية الفعالة. وحول تحركات لعمامرة، تنوّه المصادر إلى أنه لا يتمتع حتى الآن بدعم إقليمي أو دولي مباشر، لكن لا توجد أي مبررات لاعتراض الدول الكبرى والوسطاء الحاليين كالولايات المتحدة والصين والاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي، على التحرك الجزائري. وتعتبر أن هذا التحرك يستهدف بالدرجة الأولى إعادة نشاط الجزائر الدبلوماسي والسياسي في محيطها الإقليمي، بعد سنوات من الانكفاء والتحركات المحدودة، بحسب الجريدة.

وتشير إلى أن المبادرة تخلو حتى الآن من أي تفاصيل فنية أو سياسية متقدمة، على عكس المبادرات السابقة الإماراتية والأميركية، التي تضمنت بنوداً محددة لحلحلة الموقف، كما تشترط مصر موافقة إثيوبيا على المبادرة الجزائرية من دون شروط مسبقة لتوافق عليها هي أيضاً. وترى المصادر أنه يمكن بعد العودة للمفاوضات المباشرة البدء من حيث انتهى الحديث عن اتفاق دائم على عملية الملء، بعد ما انتهى الملء الثاني بالفعل. وهذه المسألة مرهونة حالياً بتجاوب إثيوبيا مع رغبة دولتي المصب (السودان ومصر) في التوقيع على كل ما جرى التوافق عليه حتى الآن، وهو ما يمثل نحو 90 في المائة من جوانب الاتفاق النهائي. وتشمل النقاط التي تمّ التوافق عليها عدد سنوات الملء والتبادل اليومي للبيانات وسلامة الإنشاءات، والضمان الدولي لاستمرارية التفاوض بعد المرحلة الأولى، وأن يتم اعتماد الاتفاق من الجهات الدولية والدول الضامنة، سواء أدت دور الوساطة أو المراقبة.

وليد.ر

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا