تنافسية الاقتصاد الجزائري على ضوء تقرير تنافسية الاقتصاديات العربية 2020

0
1708

يعد تقرير تنافسية الاقتصاديات العربية من التقارير الهامة التي تصدر بشكل دوري في السنوات الأخيرة من طرف صندوق النقد العربي، ويهدف صندوق النقد العربي بصفته مؤسسة إقليمية عربية إلى استعراض الوضع التنافسي لاقتصاديات الدول العربية باستخدام المؤشر العام لتنافسية الاقتصاديات العربية الذي يتشكل أساسا من مؤشرين أساسيين هما: مؤشر الاقتصاد الكلي، ومؤشر بيئة وجاذبية الاستثمار.

ويشير التقرير في بداياته إلى تركيبة المؤشر العام لتنافسية الاقتصاديات العربية ومؤشراته الفرعية، بحيث ينقسم مؤشر الاقتصاد الكلي إلى أربعة مؤشرات فرعية تضم 16 مؤشرا كميا ترتبط بالقطاع الحقيقي، والقطاع النقدي والمصرفي، وكذا قطاع مالية الحكومة، والقطاع الخارجي، أما مؤشر بيئة وجاذبية الاستثمار فيضم ثلاثة مؤشرات فرعية تضم بدورها 13 مؤشرا تتعلق بشكل عام بمجالات تغطي بيئة الأعمال، والبنى التحتية، وكذا مجالات المؤسسات والحوكمة الرشيدة.

وعلى ضوء نتائج تقرير تنافسية الاقتصاديات العربية لسنة 2020، فإنه يلاحظ أنه يبرز ترتيب الإمارات العربية المتحدة في المركز الأول ضمن تنافسية الاقتصاديات العربية، لا سيما استحواذها على المركز الأول على مستوى المجموعة ككل ضمن مؤشر بيئة وجاذبية الاستثمار، وتلتها المملكة العربية السعودية في المركز الثاني، وحلت كلا من قطر والبحرين والكويت وعمان في المراكز الثالثة والرابعة والخامسة والسادسة على التوالي، أما الجزائر فقد تم ترتيبها في المركز الثاني عشر، وهي بذلك تأتي ضمن آخر الدول العربية من حيث التصنيف في هذا المجال، في حين تحصل كلا من المغرب وتونس على مراكز أفضل بكثير بالمقارنة مع الجزائر.

وفيما يخص تنافسية الاقتصاد الجزائري، فإن تقرير تنافسية الاقتصاديات العربية لسنة 2020 يبرز ضمن المؤشرات الفرعية للقطاع الحقيقي تدني حصة الصناعات التحويلية ضمن الناتج المحلي الإجمالي، وهو ما يبرز بكل وضوح أن قطاع الصناعات التحويلية في الجزائر ضعيف جدا، وهو في كل الأحوال بعيد جدا عن ما يساهم به قطاع الصناعات التحويلية في الدول المتقدمة، أين تفوق مساهمته ضمن الناتج المحلي الإجمالي أكثر من 30% في الصين، وأكثر من 21% في كل من اليابان وألمانيا، وأكثر من 12% في بعض الدول الصناعية، أما من حيث مؤشر مالية القطاع الحكومي فيأتي ترتيب الجزائر ضمن المرتبة التاسعة على مستوى الدول العربية، في حين تحتل كلا من تونس المرتبة الثالثة والرابعة على التوالي، وأما من حيث مؤشر القطاع النقدي والمصرفي، فتأتي الجزائر في المرتبة الثامنة بعد المغرب الذي يأتي في المرتبة السابعة على مستوى الدول العربية، كما أشار التقرير من جانب آخر إلى ترتيب الجزائر ضمن المرتبة الثانية من حيث المؤشر الفرعي المرتبط بمعدل العائد على الأصول، كما يلاحظ في هذا السياق ارتفاع نسبة القروض المتعثرة إلى إجمالي القروض، بحيث يبرز التقرير أن الجزائر تعد من الدول التي تتميز بارتفاع نسبة القروض المتعثرة، وهذا يعتبر مؤشرا خطيرا جدا على أداء النظام المصرفي الجزائري إذا استمر الوضع بهذا الشكل.
وأما من ناحية المؤشرات الفرعية المرتبطة بالقطاع الخارجي، فتأتي الجزائر ضمن المرتبة التاسعة على مستوى الدول العربية، ويلاحظ في هذا المجال أن الجزائر قد حلت في المركز الثالث على مستوى الدول العربية مستفيدة بذلك من قيمة الاحتياطيات الرسمية لديها، وهو ما يسمح لها بتغطية وارداتها من السلع الأساسية لأكثر من 20 شهرا حسب ما أشار إليه التقرير في هذا المجال.

وفي سياق متصل بالمؤشر العام لبيئة وجاذبية الاستثمار، فقد جاءت الجزائر في المرتبة 15 على مستوى الدول العربية، وبالتالي تتميز الجزائر بمناخ غير ملائم للاستثمار، لا سيما من حيث إجراءات بدء النشاط التجاري وتسجيل الملكية، وكذا من حيث المؤشرات الفرعية ضمن مجالات حماية المستثمرين، كما أشار تقرير تنافسية الاقتصاديات العربية لسنة 2020 إلى تبوء الجزائر لمراتب متأخرة من حيث فعالية المؤسسات والحوكمة الرشيدة وما يرتبط بها من مؤشرات ضمن مجالات سيادة القانون والفساد الإداري، وغيرها من المؤشرات الأخرى المرتبطة بالبنية التحتية.
وفي الأخير، وفي إطار ما تمت الإشارة إليه ضمن تقرير تنافسية الاقتصاديات العربية لسنة 2020، فإن الوضع في الجزائر يستدعي دون شك بذل المزيد من المجهودات عبر سلسلة متكاملة من الإصلاحات الهيكلية المتضمنة العديد من الإجراءات والسياسات على مستوى مختلف القطاعات في سبيل تحسين تنافسية الاقتصاد الجزائري ضمن رؤية شاملة تسمح بإعطاء الجزائر مكانتها الإقليمية والدولية بحكم موقعها الإستراتيجي وما تمتلكه من موارد متنوعة.

الدكتور عبد الحكيم عمران| كلية العلوم الاقتصادية وعلوم التسيير، جامعة محمد بوضياف بالمسيلة.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا