في موقف يؤكد ثباتها المبدئي إزاء قضية الصحراء الغربية، قررت الجزائر عدم المشاركة في التصويت على مشروع قرار مجلس الأمن الدولي المتعلق بتجديد ولاية بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية “المينورسو”، الذي جرى مساء الجمعة.
وبرّرت الجزائر موقفها بأن نص القرار في صيغته النهائية لا يرقى إلى مستوى تطلعاتها، إذ خلا من أي إشارة صريحة إلى مقترح جبهة البوليساريو، الممثل الشرعي والوحيد للشعب الصحراوي.
ورغم ذلك، تمكنت الجزائر — من خلال تحركاتها الدبلوماسية — من إحداث تغيير جوهري في الصيغة المقترحة للقرار، واضعة أسسًا وضوابط واضحة لمساعي الولايات المتحدة الرامية إلى إعطاء دفعة جديدة لمسار التسوية. وبعد أن كانت النسخة الأولى للمشروع منحازة بشكل واضح للأطروحة المغربية، أصبح النص المعتمد اليوم أكثر توازنًا، إذ يفتح المجال أمام كل المقترحات التي قد يقدمها الطرفان المعنيان بالنزاع.
القرار النهائي لمجلس الأمن أكد على الدور المحوري لبعثة المينورسو في دعم جهود المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، بهدف إيجاد حل سياسي سلمي يقبله الطرفان. كما تم تجديد ولاية البعثة لمدة سنة كاملة بدل ثلاثة أشهر، كما كان مقترحًا في الصيغة الأولى، مع منح الأمين العام للأمم المتحدة صلاحية تقييم مستقبل البعثة وفق تطورات العملية التفاوضية.
ونجحت الجزائر كذلك في إدراج بند مهم يُلزم الأمين العام ومبعوثه الشخصي بتطبيق جميع قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لتُنهي بذلك هيمنة الإشارات الانتقائية للقرارات الصادرة منذ عام 2007 فقط.
كما تمكّنت الجزائر من إقناع عدد من أعضاء المجلس بالضغط على الولايات المتحدة لسحب العبارات التي كانت تصف مقترح الحكم الذاتي المغربي بأنه “خطة جدية وذات مصداقية وواقعية”، معتبرة أن مثل هذه الصياغات تُكرّس الانحياز وتتنافى مع الحياد الواجب في معالجة قضايا تصفية الاستعمار.
ويؤكد هذا الموقف الجزائري، مرة أخرى، أن الجزائر سيدة قرارها، لا ترضخ لأي ضغوط أو مساومات، وتبقى وفية لمبادئها الثابتة في الدفاع عن حق الشعوب في تقرير مصيرها، وفي مقدمتها حق الشعب الصحراوي في اختيار مستقبله بكل حرية.
