الكفالة حق والتبني باطل…

0
1019

التبني هو إلحاق ولد معروف أو مجهول النسب، وجعله بمثابة الابن والبنت من النسب الصحيح فيترتب عنه إلحاق نسب المتبنى ولقبه، وتمكنه من الإرث.

وقد أبطل الإسلام التبني وحرمه، كما نص قانون الأسرة الجزائري صراحة على منع التبني، ومن ثمة لا يمكن للإفراد إبرام عقد التبني ولا يجوز للقاضي أو الموثق إبرامه والإذن به.

وإذا كان باب التبني قد أغلق شرعا وقانونا فإن أبوابا أخرى ظلت مفتوحة وهي تضمن حماية أكثر للأطفال مجهولي النسب، أو أولئك اللذين لم يستطع أولياءهم تقديم الرعاية اللازمة لهم، ومن بين هذه الأبواب  نظام الكفالة.

وقد استقر قضاء المحكمة العليا الجزائرية وهي محكمة نقض، على إبطال التبني وإلغاء أية وثيقة تتضمنه، وفي مقدمتها عقد الميلاد، واعتباره عقدا مزورا، وإخراج الولد المتبنى من الميراث.

كما اعتبر المشرع الجزائري التبني نوعا من التحايل على القانون، يتمثل في الإقرار والإدلاء بتصريحات غير مطابقة للحقيقة أمام موظف عمومي، وبالنتيجة يتعرض صاحبه لعقوبة جنحة وهي الحبس والغرامة.

أمـا الكفالة فهي التزام على وجه التبرع بالقيام بولد قاصر ، من نفقة وتربية ورعاية قيام الأب بابنه، وتتم بعقد شرعي سواء أمام القاضي المختص، أو الموثق، أو مكاتب البعثات الدبلوماسية بالخارج.

ويشترط أن يكون الكافل مسلما متمتعا بالأهلية الكاملة وله القدرة على ذلك، ويقصد بها الحالة المالية و الاقتصادية والصحية كذلك، والكافل حسب النص رجل وليس امرأة، أما شرط الزواج فلا نجد نصا قانونيا يشير إلى ذلك، غير أن طالب الكفالة عمليا ملزم بإرفاق الملف بشهادة الزواج، ولا وجود في القانون لشرط موافقة الزوجين طالبي الكفالة، رغم ما لهذا الشرط من أهمية، والكافل بمثابة الأب للمكفول، فتتنقل الولاية الشرعية للكافل على نفس المكفول وعلى ماله، ومن حق الكافل بل ومن واجبه إدارة مال المكفول إن وجد، طبقا للقانون.

ويجيز عقد الكفالة أن يوصي الكافل للمكفول من أمواله ، أو يهب له في حدود الثلث، ويخير الولد المكفول حينما يصبح مميزا بين العودة إلى أبويه، أو البقاء مع الكفيل.

وهناك إمكانية تغيير لقب المكفول مجهول الأب بمنحه اللقب العائلي للكافل، مثلما هو موضح في المرسوم التنفيذي المتعلق بمطابقة لقب الكفيل بالمكفول والصادر سنة سنة 1992 والمعدل في أوت 2020 وهذا الأخير جاء لسد ثغرة كانت في المرسوم السابق بالنسبة لمجهول النسب في حالة غياب الأم إلى جانب غياب الأب، وكان هذا المرسوم محل جدل سنة 1992، وكذلك في غضون 2020 ومن اللافت الاشارة إلى أن المرسوم المشار إليه صدر بعد فتوى المجلس الإسلامي الأعلى يوم إن كان على رأسه فضيلة الشيخ أحمد حماني رحمه الله بجواز المطابقة شرعا.

وللاستفادة من إجراء المطابقة يمكن للكافل أن يوجّه طلبا إلى وزير العدل حافظ الأختام لمنح لقبه العائلي للمكفول القاصر، ويودع الطلب لدى وكيل الجمهورية الكائن بدائرة اختصاصه محلّ إقامة الكافل أو المديرية الفرعية للحالة المدنية والجنسية على مستوى وزارة العدل، ويجب أن يكون المكفول مجهول الأب أو الأبوين معا.

فإذا كان المكفول مجهول الأب وأمّه معلومة، فإنّ طلب المطابقة لا يجوز إلّا بالموافقة الصريحة للأمّ في عقد رسمي، باستثناء حالة ما إذا كانت متوفاة أو مسمّاة في شهادة ميلاد المكفول دون بيانات أخرى تمكّن من التعرّف عليها، أو قدّم الكافل شهادة مسلّمة من المصالح الاجتماعية المختصة تثبت عدم العثور عليها، أو يقدم تصريحا شرفيا في عقد رسمي أمام موثق أو محضر يصرح فيه بأن كل المساعي التي قام بها للاتصال بالأم بقيت دون جدوى.

هذا وبعد التحقيق الذي تجريه النيابة العامة وقرار وزير العدل حافظ الأختام بالموافقة على الطلب، وإخطاره النيابة العامة بأمر تقديم ملتمساتها في الموضوع إلى رئيس المحكمة المختصة، يصدر رئيس المحكمة الأمر بتغيير لقب المكفول في سجلات عقود الحالة المدنية، ويصحّح عقد ميلاد المكفول (صاحب اللقب الجديد) بناء على طلب وكيل الجمهورية المختص، ويترتّب على تغيير اللقب التسجيل والإشارة على الهامش في سجلات و عقود الحالة المدنية.

ويحتفظ الولد المكفول بنسبه الأصلي إذا كان معلوم النسب من جهة الوالدين معا أو من جهة الأم فقط. وإذا كان مجهول النسب من الجهتين فانه يبقى هكذا دون نسب، وتبقى خانة الأم وخانة الأب في شهادة الميلاد فارغتان، وفي كل الحالات لا يجوز لضابط الحالة المدنية أن ينسب الطفل(ة) المكفول للكافل في عقد ميلاده أو تسجيله باسم الكافل أو الكافلين بالدفتر العائلي، ولا تسلم له البطاقة العائلية.

ومن الآثار المترتبة عن قيام عقد الكفالة، إمكانية انتقالها إلى الورثة في حالة وفاة الكافل إذا ابدوا التزامهم بها.

وإذا كانت الكفالة تنتهي بطلب من الأبوين، بعودة المكفول إلى أبويه، فإنها تنتهي كذلك بالتخلي الصريح من طرف الكافل عن كفالة القاصر أمام الجهة التي أقرت الكفالة، ويجب أن يكون بعلم النيابة العامة ممثلة الحق العام.

ذ / عمار خبابه

حقوقي وباحث في القانون

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا