تحول الفضاء الافتراضي إلى معركة وجدال بين مؤيد ورافض، بين مستهجن ومنتصر حول حقيقة انتماء ونسب القائد شيشنق هل هو أمازيغي؟ أم فرعوني ؟ أم ليبويا نسبة إلى قبائل الليبو القادمة من ليبيا؟.
احتدم النقاش بعد أن تم تنصيب تمثال في مدينة تيزي وزو، يمجد ويؤرخ لهذه الشخصية، ويجهل إلى حد كتابة هذه الأسطر من يقف وراءه، هل هي مديرية الثقافة والفنون؟ أم هي جمعيات ثقافية ومدنية؟أم هي مبادرة فردية؟.
وإن كنا لا نناقش مثل هذه الأفعال، فإننا ندعو من باب الأمانة التاريخية وضع الحقائق في سياقها الانثربولوجي والتاريخي.
بالعودة إلى التاريخ كمنظومة إحداثية متعلقة بتسلسل الأحداث ضمن الحقب الزمانية وخاصة الحضارات القديمة فالمحتمل أنها جمعت مابين الأسطورة والخرافة والقليل من الحقيقة المرة التي لا يتقبل البعض ما حملته من تفسير لحركة وانتماء الشعوب.
والأكيد أن المستعمرات الحديثة تقف وراء كل تزييف للحقائق، في محاولة لاستغباء المجتمعات بغرض تشويه منطلقاتها التراثية ومعتقداتها الهواياتية، ولنا في ذلك ما قامت به الأكاديمية البربرية بفرنسا بالجزائر من تشويه وتزييف للكثير من للحقائق والمعتقدات، لأغراض تبعية يعلمها العام والخاص، خاصة ما تعلق بالانتماء العرقي والإثني للشعوب والأمم.
بالعودة إلى شيشناق وما لحق “عيد يناير” من تجاوزات ارتكزت في مجملها على الأسطورة، حيث غيبت فيها الحقيقة التاريخية، يناير الأسطورة المتوارث عبر الأجيال لم يكن مقتصرا على فئة أمازيغية دون أخرى عربية، بل الكل يحتفي به على طريقة واحدة تختلف في العادات والتقليد بين منطقة وأخرى.
وإذا كان الدافع من الاحتفاء به تيمننا بالموسم الخصيب فإن الأرض لله يرثها من يشاء، ولا توجد أية إرادة مهما كانت فوق قدرته بإمكانها إخراج الزرع وفرض الجفاف والقحط، فما الغاية من إلحاق الشخصنة مع قدرة إلاهية قاهرة، لها الملك البارحة واليوم وغدا .
مواطن الاختلاف لا تخضع للميولات السياسية ولا للولاءات العرقية، إنما تستند إلى التجربة العلمية بالمنطق والعقل والدليل ونقيضه.
مابين مؤيد لما ذهب إليه الباحث المصري ويؤيده في ذلك أستاذ التاريخ محمد الامين بلغيث، فحتما انطلقا من مرجعيات وبراهين وجب الوقوف عندها وكشفها بالدليل والبرهان فليس العيب في أن نصمت أمام ما يحاك ضد مورثونا الثقافي والحضاري وإنما العيب أننا نمتلك أدوات الإقناع والحقيقة ولا نجهر به، أو نتجاهلها بدواعي أخرى غير مبررة “دعوها أنها مأمورة “.
بقلم: ن.ي السبيطي