ورشات خياطة، محلات، أحياء فوضوية

مندوبية بوعمامة بوهران…. دولة اقتصادية موازية

0
2038

تحولت مندوبية “بوعمامة” ببلدية وهران إلى عاصمة لممارسة النشاط الاقتصادي الموازي، الذي ينتشر بالأحياء الفوضوية التي تطغى على السكان القانونيين بالمندوبية بأكثر من 25 ألف نسمة.

وتعود الفوضى السائدة هناك، إلى الارتفاع الرهيب للسكنات الفوضوية التي أصبحت تتزايد كالفطريات، وعجز مصالح الدولة عن توقيف زحفها الذي أصبح إسمنته يغزو الأراضي الفلاحية والغابات. بعدما نجحت مافيا العقار في الاستيلاء على الأراضي وانجاز شقق من غرفة إلى ثلاث غرف بفناء، تباع للراغبين في شرائها بين 20 و 80 مليون سنتيم. ليتسنى لشاغليها مطالبة الدولة بالاستفادة من سكنات اجتماعية.

فتحولت تلك التجمعات السكنية إلى أحياء فوضوية، تصدر كل أنواع الإجرام من المتاجرة بالممنوعات من مخدرات ومهلوسات إلى أوكار لممارسة الدعارة والرذيلة، وبالتالي قاعدة خلفية للجماعات الإجرامية.

في المقابل هناك أصحاب المال الذين استولوا على مساحات كبيرة من الأراضي، التابعة لأملاك الدولة، فشيدوا فوقها فيلات وسكنات فردية بدون رخص بناء معتمدة، ليواصلوا التعدي على القانون بفتح محلات تجارية وخدماتية، يفوق عددها 1000 محل، دون حصولهم على رخص استغلال من طرف الجهات المخولة لذلك، ففتحوا مقاهي، أكشاك الهواتف، مقاهي الأنترنيت، مطاعم، أكل سريع، مخابز، بيع مواد التجميل، المواد الغذائية، الحلاقة، الآلات الكهرومنزلية، الخراطة، التلحيم، تصليح السيارات ونفخ العجلات، صناعة الخشب، بيع مواد البناء، إلى جانب الأسواق وطاولات بيع الخضر والفواكه المنتشرة في كل مكان والباعة المرصوفين على قارعة الطرقات… وهلم جرا. توسعت هذه النشاطات غير الشرعية، لتشمل مصانع إنتاجية سرية، تتعدى 1000 ورشة خياطة، تشغل بين 30 إلى 150 عامل وعاملة للورشة الواحدة، منها ورشات تشتغل 24/24 سا.

هذه الورشات تمون السوق المحلية، أهمها سوق “المدينة الجديدة” الذي يعتبر محج تجار الجملة والتجزئة الجهوية، وتصل سلعها إلى أسواق جهوية ووطنية، وتعرف منتوجاتها إقبالا واسعا من طرف المستهلكين، لجودة القماش ونزعية الخياطة، حيث تعتمد التقليد، لمنتوجات اللباس المستوردة من الخارج لاسيما تركيا والصين.

هذا النشاط الذي يدر على أصحابه أموالا طائلة، لا يخضع للضريبة ولا يدخل ضمن قائمة النشاطات الاقتصادية بالولاية، فهو لا يؤمن عماله ولا يدفع لهم أجرتهم المستحقة، ولا يدفع ثمن الكهرباء التي تستغل في تسيير آلات الخياطة ولا ثمن المياه المستعملة. هذا النشاط الذي يمون سوق الملابس، يكلف الدولة خسائر مالية تتجاوز الملايير شهريا، إلى جانب هدر الطاقة الكهربائية والمياه.

كما استغل بعضهم الفرصة للتوجه إلى استغلال المذابح غير الشرعية التي تتجاوز 10 مذابح، تم غلق 5 منها، إلى جانب نشاطات أخرى جعلت المنطقة نشطة اقتصاديا، لكن مداخيل المندوبية البلدية “بوعمامة” صفر. وفي هذا الشأن، ذكر المندوب البلدي “محمد بدر الدين دينار” أنه في ظل هذا الانتشار الرهيب للنشاط الاقتصادي الموازي، اقترح على بلدية وهران، التنسيق مع المصالح المعنية جرد وتقنين تلك النشاطات وإدراجها ضمن النشاطات الاقتصادية المدرة للمداخيل، والتي ستساهم في بعث مشاريع تنموية لأبناء المنطقة وترفع من مداخيل البلدية أيضا.

مضيفا أن الدولة خصصت 32 مليار سنتيم للمنطقة في إطار التكفل بمناطق الظل، وهو ما سمح باطلاق العديد من المشاريع، على غرار الملاعب الجوارية، مسبح، فضاءات ترفيهية ومساحات خضراء، والأهم تشييد مدارس لفك الضغط على أبناء تلك الأحياء التي يعود تشييدها إلى فترة العشرية السوداء، بعد لجوء عائلات من خارج وهران إليها على غرار دوار التيارتية، مرابو 3، الروشي… إلخ، تهيئة الطرقات، إنجاز قاعة علاج. إلا أنها تبقى غير كافية حسبه بالنظر إلى حاجة السكان لفضاءات خدماتية اخرى كمكتب بريد بالروشي.

يذكر أن تلك انتشار السكنات الفوضوية على طول الشريط الغابي الواقع بالطنف العلوي للكورنيش الوهراني، الذي أصبح مركز اهتمام للأفارقة، الذين جعلوا من موقع كوكا، مقرا يسكنونه وخلفية لممارسة نشاطات اجرامية، إلى جانب الفوضى التي يحدثونها لاسيما عند عراكهم مع أبناء الحي أو بين جماعات منهم. وهي الوضعية التي تفرض على مصالح الدولة إعادة النظر كلية في مندوبية بوعمامة والتكفل بها لجعلها منطقة اقتصادية تساهم في المداخيل وتدفع بعجلة التنمية هناك.

مريم عبارة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا