إن القدس دوما هى شرارة كل انتفاضة وحرب؛ وتثبت دوما ان شعبنا الفلسطيني هو الحامي والجدير بالدفاع عنها .
لقد زاد الاحتلال وبالغ فى تماديه وإجراءاته التهويدية فى الآونة الأخيرة بحق القدس، ودنس المسجد الأقصى المبارك، وكذلك الاعتداءات المتواصلة ضد أهلها فى شهر رمضان متجاوزا بذلك كل الحدود والحرمات .
فهب الفلسطينيون بكل مكان وكان تصدي أهلنا له بالمرصاد. وكانت أيضا المقاومة له بالمرصاد وسيدة الموقف ولها كلمة الفصل بوضع حد لتلك الانتهاكات.
إن ما قام به أبناء شعبنا من مقاومة عسكرية وشعبية متسمة بشمولها الجغرافي لفلسطين التاريخية الأثر الكبير؛ مما أحدث صدمة هائلة غير متوقعة لمنظومة الاحتلال وأجهزته الأمنية، كونها تفاجأت من عظمة الوطنية الفلسطينية التى تفجرت فى وجهه بكل مكان.
وروح الشباب الفلسطيني، رافقه أيضا قدرات المقاومة الصاروخية التي أصبحت أكثر دقة وكثافة وتدميرا وأتساعا حتى غطت سماء فلسطين التاريخية بصواريخها.
إن ما حدث، كان متناقضا مع تلك التقارير الاستخباراتية الأمنية الصهيونية التى كانت تقدمها للحكومات الصهيونية المتعاقبة، والتي كانت تقول: بأن أهل فلسطين فى الداخل المحتل قد تم طمس هويتهم وإذابتهم، والآن تحول الكثير منهم لعالم الجريمة كون الأجهزة الأمنية الصهيونية تعمدت دوما عدم ملاحقة أى جريمة لطالما الجريمة بين فلسطيني وفلسطيني، وهذا لم يكن عبثا بل ضمن مخطط استعماري تم اعتماده والعمل عليه على مدار سبعة عقود من الزمن. أى بعد النكبة وإقامة الكيان الصهيوني .
لكن ما شاهدناه من أحداث فى اللد ويافا والرملة وعكا وام الفحم وغيرها من المدن والقرى الفلسطينية من أحداث مقاومة شعبية ضد الاحتلال ونصرة للقدس، عبر عن إسقاط خطة التهويد والأسرلة، والتخطيط الممنهج لطمس الهوية الفلسطينية لكل مواطني فلسطين المحتلة عام 1948 .
إن الذين صمدوا أثناء النكبة وحتى يومنا هذا، وكان قدرهم ان يعيشوا تحت حكم الكيان الصهيوني العنصري الفاشي والنازي والفرض عليهم العيش المشترك القسري، جميع تلك السياسات والجرائم لم تنسهم قضيتهم الأولى فلسطين ومعاناة النكبة الأولى. ورغم كل ذلك ها هم ينتصرون للقدس.
وحين اعتقد الاحتلال بأنه نجح فى إذابة الهوية الفلسطينية لفلسطينيي الداخل المحتل، نقل التجربة ذاتها فى أوساط أبناء القدس، والضفة الغربية، وتحديدا الاشتباكات المسلحة التي وقعت بين العائلات والتيارات التنظيمية، والتي كان للاحتلال دورا رئيسيا بها . لأنه كان فى بعض الأحيان يجري اتصالات مع احد الأطراف المتقاتلة ويدعو لحسم الطرف من أجل التعامل معه حتى وصل الأمر بهم للاتصال مع أفراد يملكون بنادق خاصة ويوجه لهم تحذيرا بأن لا تستخدم تلك البنادق إلا في تلك الخلافات الداخلية أو لإطلاق النار فى الأفراح فى السماء.
تلك الأساليب الاستخباراتية هدفها توفير أرضية لحرب أهلية فى الضفة الغربية . لانه كان يدرك بان هناك بركان قد ينفجر في أي لحظة لكن كان مستبعدا بأن يكون الانفجار فى وجهه، وكان الهدف من ذلك تفريغ الشعب من طاقاته، بعيدا عنه، كي يستبيح الأرض بالاستيطان دون ان يجد مقاومة .
لكن أيضا عاد مرة أخرى وفشل هذا الجهد والمخطط الاستخباراتي، وسقط كما سقط فى الداخل المحتل، حين تفاجأ الاحتلال من أبناء الشعب الفلسطيني في كل مكان بان ينتصر للقدس، ولحي الشيخ جراح، وثبت أن الفلسطيني صعب تغييره وتفريغه من مضمونه النضالي، مهما مورس عليه من مؤامرات وضغوطات .
وهناك العديد من الأساليب الخبيثة ومن صنع الاحتلال واستخباراته. إن معركة القدس الأخيرة التى شملت كل فلسطين التاريخية؛ استطاعت إعادة الاعتبار للقضية الفلسطينية ووضعها على الخارطة العالمية من جديد، وكذلك أبثثت للقاصي والداني بأن القدس خط أحمر فعليا وليس لفظيا . وكذلك سلاح المقاومة فى غزة، هو أيضا خط أحمر وعلى الجميع أن يدرك أننا ما زلنا نقاتل الاحتلال الغاشم .
ولم تنكسر المقاومة رغم هول الضربات بل بقيت على استعداداتها الأولى وبذات الوتيرة حتى الدقائق الأخيرة. لكن فشل الاحتلال فى تحقيق أهدافه العسكرية وحيث قام بقتل الأطفال والنساء والشيوخ، وتعمد هدم أكبر عدد من البيوت معتقدا ردع المقاومة.
ولكن فى النهاية تحقق الانتصار على آلة القتل الصهيونية . وعلينا ان نحافظ على هذا الانتصار ونستثمره . وهذا الانتصار جاء نتيجة معركة متكاملة جغرافيا ولهذه المعركة أبعادا هامة جدا على مستقبل الاحتلال،وعلى الاحتلال أن يدرك معنى هذا جيدا .
وكى نحافظ على الانتصار ودماء الشهداء والجرحى يتوجب علينا مزيدا من الوحدة والتلاحم، فى المعركة السياسية القادمة لتحقيق الانتصار السياسي للقضية الفلسطينية، وللشعب الفلسطيني الذي أبدع فى ميدان المقاومة والتضحية. فوحدة الموقف والمطلب والتنفيذ لهذه المعركة هي حاجة ضرورية كون المعركة لم تنته بعد .. وأخيرا، إنني أرى وأقرأ ان يوم التحرير أصبح قريبا جدا ونهاية الوجود الصهيوني بات قاب قوسين او أدنى . وفي الختام، التحية لشعبنا الفلسطيني فى كل مكان، والتحية للمقاومة العسكرية والشعبية على حد سواء .
كتب: الأسير ثائر كايد حماد