طوت محكمة جنح الشلف مساء الاثنين، فصول ملف مطاحن الدقيق اللين بالحكم على سبعة أشخاص بينهم ثلاثة من أرباب المطاحن، بعقوبة ثلاث سنوات حبسا نافذا وغرامة 50 مليون سنتيم بحقهم، فيما تم توقيع عقوبة 18 شهرا حبسا ضد موالين متورطين في قضية التلاعب بقوت الجزائريين في عز أزمة كورونا. حيث كشفت أطوار المحاكمة عن تجاوزات في غاية الخطورة، من بينها توجيه الشعير المدعم إلى مصانع الخمور، لإنتاج الجعّة، وتحويل القمح إلى أعلاف للحيوانات. مع العلم أن المدعي العام على مستوى المحكمة الابتدائية التمس توقيع عقوبات تتفاوت بين 4 و 7 سنوات ضد جميع المتهمين لمتابعتهم بالمضاربة غير المشروعة وتبديد أموال عمومية، إلى جانب إبرام صفقات مخالفة للقانون واستغلال الوظيفة.
وقائع الحال تعود إلى شهر أكتوبر من العام الماضي، تقول جريدة “الشروق” اليوم الاربعاء، حينما تفجر ملف التلاعب بالقمح اللين وأسعاره في سياق حملة وطنية واسعة شنتها المصالح الأمنية والقضائية في الجزائر لفرملة مافيا القمح المدعم من قبل الدولة.
وبحسب ما ذكرته مصادر قضائية لـ “الشروق”، فإن القضية التي عالجتها محكمة الجنح بموجب قانون الوقاية من الفساد ومكافحته 01/06، عرفت خضوع ما يقرب عن 40 شخصا إلى تحقيقات معمقة، أشرفت عليها فصيلة التحري والبحث لمجموعة درك الشلف، في أعقاب اكتشاف كميات معتبرة من القمح اللين، حولت عن مسارها الأصلي بتلاعب بعض المتهمين بقوت الجزائريين، من خلال بيع كميات هائلة من القمح إلى موالين، لتشرع الجهات الأمنية في التدقيق والفحص في فواتير وملفات محاسبية ومحاضر قياس حمولات الدقيق، حيث استغرقت التحقيقات أكثر من سبعة شهور، قبل إحالة المتهمين إلى نيابة الجمهورية لدى محكمة الشلف، التي أحالت بدورها الملف إلى قاضي التحقيق، الذي خص بتاريخ 10 أكتوبر أرباب مطاحن بالحبس المؤقت، وأخضع 13 شخصا من موالين وموظفين لنظام الرقابة القضائية.
وشملت تحقيقات ذات الجهات ملفات عدة تتعلق بتضخيم الفواتير، وعدم التصريح بالقدرات الإنتاجية الفعلية، كما أكدت الأبحاث أن القمح المدعم كان يعاد توزيعه وتسويقه من قبل أرباب المطاحن بأسعار خيالية عن تلك التي يتم اقتنائه بها من ديوان الحبوب.
وبينت التحقيقات أن الكميات المدعمة من قبل الدولة، التي كانت تأخذ طريقها إلى الموالين كانت تحول كأعلاف للمواشي.
وأعطت هذه التحقيقات الانطباع بأن أزمة كورونا فرخت عدة تجاوزات، أهمها تقديم بعض أصحاب المطاحن أرقام إنتاج مضخمة جدا للاستفادة من كمية أكبر من القمح المدعم، بتواطؤ من أطراف في ديوان الحبوب، ومن ثمة يعيدون بيع الكمية المضافة بسعر مرتفع للتجار أو لمصانع العجائن، أو أن تضع المطاحن طلب استيراد لدى الديوان الجزائري للحبوب، وتقوم بتضخيم الفواتير، وبالتالي المرور إلى تهريب قانوني للعملة الصعبة من جهة، والاستفادة من القمح المدعم من جهة أخرى، أي تحقيق ربح مضاعف.
وكانت مطاحن أخرى في ولايات الوطن وقعت في فضائح مماثلة على غرار تيارت، معسكر، تبسة، قسنطينة، عين الدفلى، المدية وعين تموشنت ووهران، وذلك برفع الأسعار، ثم تحرير فواتير بأسعار نظامية، حيث يقوم تجار الجملة بشراء الطحين بمختلف أنواعه من هذه المطاحن بأسعار مرتفعة بنسبة 60 في المائة، ويبيعونها لتجار التجزئة بأسعار مرتفعة عن السعر الثابت، وعليه يقوم التاجر برفع السعر حتى يعوض الكلفة الإضافية، مما أدى إلى وصول الكيس من الطحين العادي زنة 25 كيلوغراماً إلى 1500 دينار في بعض المناطق.
كما يحفظ سجل المطاحن الخاصة، تجاوزات أخرى لا تقل خطورة، تتمثل في تحويل مادة الشعير إلى مصانع “الجعة” باحتساب 6000 دينار للقنطار، بينما يُقتنى بـ 1650 ديناراً من ديوان الحبوب، على النقيض، أن هناك مطاحن لا تقوم بالطحن، بل تبيع القمح الصلب الذي يصل إليها بسعر مدعم يقدر بـ 2500 دينار للقنطار إلى المزارع بسعر 3500 دينار، والذي بدوره يعيد بيعه إلى ديوان الحبوب بـ 4500 دينار على أنه قمح جزائري مائة بالمائة.
وليد.ر





