كشف الضابط المغربي المنشق عن القوات المسلحة المغربية, صاليحي بوشعيب, عن حقائق جديدة تعري النظام المخزني والاسباب الحقيقية التي دفعت به لاحتلال الصحراء الغربية, لا سيما تشتيت انتباه الجيش تفاديا لانقلاب قادته عليه وكتم الانتهاكات الجسيمة التي كانت ترتكب في حق الشعب المغربي الذي كان امامه أمرين احلاهما مر, اما الاعتقال أو الاغتيال.
وفي ثاني فيديو تحت عنوان “لا لضريبة الذل والاستعباد”, للضابط المغربي الذي انشق عن صفوف الجيش سنة 2000 بسبب -كما قال- “مسلسل تطبيع المغرب وخيانته للقضية الفلسطينية”, قرر صاليحي بوشعيب هدم جدار الصمت وتحدى طغيان المخزن وخاطب الاحرار لتقديم بعض الوقائع التي طبعت الفترة التي سبقت التحاقه بالجيش المغربي, خاصة دراسته بالابتدائي الى غاية حصوله على شهادة البكالوريا, والتي تركت آثارا لازالت حية جاثمة في ذهنه وتعيش معه الى الآن.
وكانت هذه الفترة (ستينات الى غاية سبعينات القرن الماضي) تعرف في المغرب ب”سنوات الجمر والرصاص”, لخص خلالها الضابط اهم الاحداث السياسية والامنية التي عرفها البلد والتي كانت السبب في إحداث تغييرات سياسية وعسكرية في المملكة لاحقا.
واستهل الضابط حديثه بالتحاقه بالمدرسة الابتدائية خلال السنة الدراسية 1964-1965 والذي تزامن مع إضراب مارس 1965 الشهير, وهي الواقعة التي ترفض أن تغادر مخيلته رغم صغر سنه آنذاك, قائلا: “كنت أزاول دراستي بمدرسة قريبة من مقر الاتحاد المغربي للشغل, وفي أحد الأيام فرضت علينا ادارة المدرسة المكوث في اقسامنا, دون معرفة السبب, لننصدم فيما بعد عند خروجنا للالتحاق بمنازلنا برؤية مئات الجثث المتناثرة على طول الشارع, كان عددها كبيرا جدا”.
وأضاف المتحدث أنه عندما حاول الاستفسار من عائلته عن سبب وذنب هؤلاء ليقتلوا بهذه الطريقة الشنعاء, انصدم بردة فعل والديه اللذين طلبا منه الالتزام بالصمت, فظلت عبارة “أسكت يا ولدي فإن الحائط لديه آذان”, منقوشة في ذهن كل مغربي الى الآن.
واسترسل الضابط المنشق يقول : “لقد تعلمنا أن لا نتحدث مع أي أحد ولو لأقرب الناس لنا عن ما يحدث في الخارج, وهذا بسبب سياسة القمع التي كانت تنتهجها سلطات البلد آنذاك, لا سيما حالات الاختطاف والاعتقالات التي ميزت تلك الفترة بقوة خاصة في الحي الذي أقطنه” والذي كان يأوي الكثير من المناضلين المغاربة الاحرار.
واستشهد الضابط في هذا السياق بالعربي دهكون الذي كان لاحقا من أبرز العناصر التي شاركت في أحداث “مولاي بوعزة” سنة 1973(مجموعة أحداث مسلحة وقعت بمنطقة خنيفرة وبالضبط بمنطقة مولاي بوعزة, كان هدفها الإطاحة بنظام الحسن الثاني), والذي أعدم من طرف الحسن الثاني صبيحة عيد الأضحى.
وواصل صاليحي بوشعيب شهادته بذكر حدثين هامين عرفهما المغرب في تلك الفترة وكانا في نظره سببا في تغيير مجرى الحياة السياسية بالبلاد و أثرا على الحياة العسكرية أيضا, وهما المحاولتين الفاشلتين في الانقلاب على الحسن الثاني.
وحسبه, فقد شكل “فشل انقلاب عبابو و انقلاب أوفقير فرصة للحسن الثاني للتلاعب بالجيش وبالشعب معا”, موضحا أنه “بسبب الانقلابين, أوجد الحسن الثاني مشكلة الصحراء الغربية لإلهاء الجيش وتجنب شر انقلاب قادته عليه, وهذا رغم ضعف إمكانات الجيش أو حتى انعدامها في تلك الفترة, إلا أن الحسن الثاني فضل الزج بالجيش في أتون حرب لا يعرف نهايتها”.
وفي ظل رفض ومعارضة الكثير من احرار المغرب فكرة احتلال الصحراء الغربية, “جوبهوا برد عنيف من العاهل المغربي, الذي كثف الاعتقالات والاغتيالات, حيث لازال الكثير منهم في عداد المفقودين, ولا يعرف أهاليهم عنهم شيئا حتى الآن”, و الأسوأ من ذلك -يقول الضابط المنشق- أن هناك جنود شاركوا في احتلال الصحراء الغربية “قتلوا ولا أحد يعرف قبورهم أو اين تم دفنهم”.