سنتان من حكم الرئيس تبون…تحقق الكثير

0
510

بعد عامين من وصوله لسدة الحكم عقب انتخابات رئاسية كانت الأولى بعد الحراك الشعبي وسقوط النظام السابق يكون الرئيس عبد المجيد تبون قد قطع شوطا هاما في طريق الإصلاحات والتعهدات التي التزم بها خلال حملته الانتخابية،وهو الذي رسم منذ توليه دفة حكم البلاد نهاية 2019، أجندة سياسية سماها إحداث القطيعة مع ممارسات النظام السابق”، لكنه ربط ذلك بـتغيير المؤسسات وليس الوجوه”.

الرئيس عبد المجيد تبون طوى ملف الإصلاحات السياسية عبر محطات متتالية بدايتها كانت تعديل الدستور عام 2020 وتجديد مؤسسات الدولة عبر انتخابات تشريعية وضعت لأول مرة نهاية لتدخل الإدارة وتحكمها في النتائج، ومن أجل تكريس الإرادة الشعبية فيها وقطع تغلغل المال الفاسد فيها أقر مراجعة قانون الإنتخابات الذي أنهى زمن الكوطة.

واستمر قطار الإصلاحات عبر استحقاق انتخابي هو الثاني الذي نظم في أقل من 6 أشهر، بعد الانتخابات البرلمانية، وكان الرئيس عبد المجيد تبون قد اعتبر في تصريحات له أن الانتخابات البرلمانية “تشكل اللبنة الثانية في المسار الديمقراطي وبناء جزائر جديدة”، فيما شكّلت المحليات “آخر لبنة” ضمن هذا المسار.انتخابات محلية شكلت نهاية آخر تركة النظام السابق ،مرورا بالمحكمة الدستورية، ليضع مع بداية العام المقبل أسس الإنعاش الإقتصادي ويحط الإصلاحات الإقتصادية في المسار الصحيح لإحداث ثورة اقتصادية.

وفي خضم الثورة السياسية والإقتصادية حافظ الرئيس على سياسة الدعم الإجتماعي الذي أكد أنها مبدأ غير قابل التنازل عنه.

معركة مكافحة الفساد لم تتوقف في العام الثاني لعهدة رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون وظلت مستمرة، لتجر أسماء جديدة وضعت بين أيدي العدالة، بل وتعززت هذه الإرادة عبر تفعيل دور الهيئات المكلفة بمحاربة الفساد من جهة.

كما عمل الرئيس على تعزيز الترسانة القانونية الخاصة بمحاربة الفساد وضمان الشفافية ونشر ثقافة التقييم والمساءلة، وقرن ذلك بالحرص على الالتزام بحماية المسؤولين النزهاء، في مخطط الحكومة أو عبر سن قوانين حيث تم وضع حد لاعتماد  الرسائل المجهولة في فتح تحقيقات أو رفع دعوى قضائية، التي كانت كافية لفتح أي ملف مشبوه بالموازاة مع سن قوانين لرفع التجريم عن التسيير

وفي المجال الاقتصادي، فإن حصيلة أولى سنتين من رئاسة السيد تبون تعتبر إيجابية، وذلك ما تثبته الأرقام، حيث بعد مرحلة “بلوغ السكين العظم” وهواجس تآكل احتياطي الصرف، في ظل النظام السابق، فإن الإصلاحات الهيكلية التي شهدها مجال الاستيراد، سمحت للجزائر بتحقيق توازنها المالي والحفاظ على احتياطاتها من الصرف الأجنبي دون تسجيل أي عجز في الميزان التجاري.

ولأول مرة منذ حوالي 20 سنة، بلغت قيمة الصادرات خارج المحروقات 3،2 مليار دولار، ويتوقع أن تتجاوز بنهاية السنة الجارية 4،2 مليار دولار، فيما يتوقع قانون المالية نسبة نمو تقدر ب 3،3 بالمائة خلال السنة المقبلة.

رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون رسم عبر إستراتيجيته وجها جديدا للدبلوماسية الجزائرية وأخرجها من حالة الركود والخمول التي دخلت فيها خلال فترة النظام السابق، فأعاد للجزائر هيبتها وحضورها الدولي الذي تجلى عبر زيارات رفيعة المستوى ومتتالية لكبار المسؤولين في العالم والقادة الأمنيين، فضلا عن دخول الدبلوماسية الجزائرية خط المصالحة في أزمة سد النهضة، والملف الليبي عبر تبني المقاربة الجزائرية الرافضة دوما لمبدأ التدخل في الشؤون الداخلية للدول مع البحث عن الحلول السياسية.

وبفضل السياسة الخارجية “الواضحة” التي كرسها الرئيس تبون في تعامل الدولة الجزائرية مع شركائها الدوليين، فإن العلاقات الدبلوماسية التي كانت تشوبها التعقيدات مع بعض الدول على غرار المغرب وفرنسا، أصبحت واضحة المعالم وغير قابلة للمساومات، لأن منطلقها “مبادئ بيان أول نوفمبر”، مثلما أكده رئيس الجمهورية الذي شدد على أن علاقات الجزائر ستكون من الآن فصاعدا وفق مبدأ الندية وبمنطق رابح رابح، مبدأ تكرسه سيادة واستقلالية القرار السياسي والإقتصادي لاسيما في ظل عدم الرضوخ لأي إملاءات أو ضغوط بالعودة للإستدانة الخارجية، وبدت ملامح العلاقة الحديدة بين باريس والجزائر أكثر وضوحا رغم التوترات التي شهدتها العلاقة بعد تصريحات ماكرون المسيئة للجزائر، فالرئيس تبون حسم أيضا موقف بلاده من تداعيات تصريحات ماكرون، عندما أبدى رفضه اتخاذ خطوات تهدئة مع باريس.

ووضح تبون ذلك بالقول: “لن أكون أنا من يخطو الخطوة الأولى وإلا سأخسر كل الجزائريين، الأمر لا يتعلق بي، بل بمشكلة وطنية، لا يوجد جزائري يقبل أن أتصل بأولئك الذين أساءوا إلينا”.

عبدالمجيد تبون كان أكثر صراحة وابتعد عن الخطاب الدبلوماسي المعتاد بين الجزائر وفرنسا، عندما أعلن “القطيعة مع فرنسا ماكرون”، وأبدى رفضاً قاطعاً للتراجع عن قرار حظر المجال الجوي الجزائري أمام الطيران العسكري الفرنسي.

كما استمر الرئيس تبون في التاكيد على مواقف الجزائر الثابتة في دعم القضايا التحررية وعلى رأسها قضية الصحراء الغربية والقضية الفلسطينية التي قرر أن تكون على رأس القمة العربية المرتقبة، التي ستشهد عودة سوريا لمقاعد الجامعة العربية بعد غياب دام 10 سنوات ويسعى من خلالها لسد الصدع العربي.

وتعهد الرئيس تبون بأن تكون القمة العربية التي ستحتضنها الجزائر شهر مارس القادم “قمة جامعة وشاملة وبحضور جميع أعضائها، فضلا عن حشد الدعم لمواجهة تمدد صهيوني وطأت أقدامه المغرب العربي بتواطؤ مع المغرب الذي بات يقود حربا معلنة ضد الجزائر وتتوالى مؤامراته لضرب استقرارها مستقويا بالكيان الصهيوني.

محمد إسلام

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا