زيلينسكي في القمة العربية: ما وراء القرار

0
382

تواترت الأنباء عن دعوة الرئيس الاوكراني زيلينسكي لحضور افتتاح القمة العربية في المملكة العربية السعودية، وهو أمر لا بد من التوقف عند خلفياته ثم تقييمها.
أولا: في فبراير من العام الماضي وبعيد بدء العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، عقدت الجامعة العربية جلسة على مستوى المندوبين واتخذت قرارات بالدعوة للتسوية السلمية في هذا الصراع، لكن البيان تضمن نصا على “تشكيل مجموعة اتصال عربية على المستوى الوزاري تتولى متابعة واجراء المشاورات والاتصالات اللازمة مع الأطراف المعنية بهدف ايجاد حل دبلوماسي وتكليف الأمانة العامة للجامعة بإجراء المشاورات اللازمة اعتمادا على هذه التوصية”.
لكن دعوة الرئيس الأوكراني إلى القمة العربية لا تستقيم وتقاليد الجامعة العربية في هذا الشأن، فدعوة الضيوف لا تتم طبقا لرغبة دولة او دولتين، بل لا بد من التشاور حول هذا الموضوع مع كافة الاعضاء ومناقشة هذا الامر وتداعياته وبالاغ الأمانة العامة بذلك، وهو أمر يتضح بشكل جلي أن العديد من الدول العربية لم يجر أي استشارة لها بل شكل القرار مفاجأة لها، فكيف لمؤتمر قمة أن ينجح إذا كان الجانب الإجرائي افشله قبل أن يبدأ.
ثانيا: من الناحية القانونية فإن الجزائر هي رئيسة القمة إلى حين إعلان رئيسها أو من يمثلها عن نقل الرئاسة في إجتماع رسمي للوفود وللأمانة العامة للدولة الموكل لها تولي الرئاسة، وتظهر ردود وسائل الإعلام الجزائري أن الدولة الجزائرية لم يجر ابلاغها أو التشاور معها حول هذه النقطة، وهو ما يشكل خروجا على قواعد اللياقة الدبلوماسية وبروتوكولات القمم العربية.
ثالثا: لعل تغيب ولي العهد السعودي عن قمة الجزائر في العام الماضي –بذرائع صحية- شكل إشارة لقدر من عدم التناغم بين السعودية والجزائر”، ولعل دعوة زيلينسكي تمثل صبا للزيت على النار، في ظل الرئاسة الجزائرية للقمة حتى الآن وفي ظل العلاقات الروسية الجزائرية ناهيك عن ضرورات التشاور مع كل الأعضاء لاتخاذ موقف من الدعوة.
رابعا: هل القرار السعودي بدعوة زيلينسكي هي محاولة للظهور بمظهر القرار المستقل وتخفيفا من تنامي الصورة السلبية في الدوائر الامريكية للاستدارة نحو الشرق التي أوحت بها سلسلة قرارات سعودية؟ إذا كان الامر كذلك، فما هكذا تورد الإبل، فالقوى الكبرى لا تتبنى قيم الدبلوماسية العربية في توجهاتها الاستراتيجية، فهذه الدول تحسب خطواتها كما قال لينين يوما “ببيض النمل”، وليس بقرارات انفعالية طارئة، فما الذي سيضيفه حضور زيلينسكي للقمة العربية؟ فهذا الرئيس يجلس فوق ركام متهالك في دولته ويتسول الدعم من أي كان..ففاقد الشيء لا يعطيه.
خامسا: هل ستوافق سوريا والجزائر والعراق مثلا على هذا الحضور الاوكراني؟ وهل الواقع العربي من خلال بنود جدول أعمال المؤتمر يحتمل بندا جديدا طارئا ولا يشكل أمرا ملحا في الوقت الحالي، فهل الدبلوماسية العربية تريد الدخول في وساطة في الأزمة الاوكرانية في الوقت الذي تعثرت فيه الأمم المتحدة ومبادرات الصين ومبادرات إفريقية وأمريكية لاتينية؟ فهل سجل الدبلوماسية العربية مغر إلى هذا الحد للاندفاع بإتجاه موقد مشتعل آخر في الوقت الذي تشتعل كل المواقد في بيوتنا؟
لن أتفاجأ إذا تمت دعوة نيتنياهو إلى قمة عربية لاحقة.

بقلم الباحث في القضايا الاستراتيجية وليد عبد الحي

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا