عمار خبابة يكتب :

حرية التعبير لا تبيح الاستهزاء بالمعلوم من الدين بالضرورة

0
658

شغل الحديث عن حرية التعبير العديد من المفكرين والفلاسفة والحقوقيين والصحفيين وحتى عامة الشعب ، وازداد الحديث عنه في عصرنا هذا لأسباب مختلفة ومتنوعة لا يمكن حصرها. ويحصل الاتفاق بين معضم من اهتم بهذا الموضوع على أن حرية الشخص تنتهي عند بدء حرية الغير ، وأن الحرية مقيدة بعدم إضرارها بحرية الآخرين ، وزاد المفهوم الإسلامي عن هذا القيد وجوب إعمال الحرية فيما ينفع الإنسان وينفع الأمة .

ويشكل الإعلان العالمي لحقوق الإنـسان 1948 ، الى جانب العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنيـة والـسياسية 1966 الأساس القانوني الدولي لحريـة التعبير، بل يرى فريق من فقهاء القانون الدولي ان هذه القواعد أصبحت جزء من قواعد القانون الدولي الآمرة ، وبهذه الصفة أصبح لها الإلزام القانوني للدول وبات من الضروري احترامها وعدم مخالفتها ، ودمجها ضمن التـشريع الـداخلي. وينص الدستور الجزائري على ان حرية التعبير مضمونة ، ولا يمكن تقييد هذه الحرية كغيرها من الحقوق والحريات إلا بموجب قانون، ولأسباب مرتبطة بحفظ النظام العام والأمن وحماية الثوابت الوطنية.

ونر ى كما يرى العديد من المهتمين بالشأن العام الا تتحول حرية التعبير الى ذريعة للقذف و التشهير، وسب الدين والاستهزاء بالمعلوم منه بالضرورة . ومن المقرر في القانون الدولي والداخلي ان قاعدة احترام حقوق الآخرين وسمعتهم من صميم حقوق الإنسان ، ومن المقرر كذلك ما يعرف بمبـدأ حظر سوء استخدام الحقوق، فلا يجوز لأحد أن يـبرر انتـهاك حقـوق الآخرين استناداً إلى حقوقه الخاصة .

وفي مجال حرية الرأي والتعـبير يظل الهدف الأساسي لممارستها هو إنارة الرأي العام، وتزويده بالمعلومات المفيدة وليس التعرض لسمعة المجتمع وسب أفراده ، والحط من مقدساتهم والاستهزاء بشعائرهم الدينية . وقد نص قانون العقوبات الجزائري على تجريم الاستهزاء بالمعلوم من الدين بالضرورة او باية شعيرة من شعائر الإسلام، وحدد لهذا الفعل عقوبة تتراوح بين ثلاثة وخمس سنوات حبس نافذ والغرامة من 50 ألف الى 200 ألف او باحدى هاتين العقوبتين .

وتعرف العديد من المجامع الفقهية المعلوم من الدين بالضرورة ، بما يعلمه عامة المسلمين من الدين ؛ كوجوب الصلاة والزكاة والصوم والحج ، وتحريم الخمر والخنزير وقتل النفس ، وغيرها من المسائل التي ينتشر وجوبها وتحريمها بين المسلمين ، ولا يعذر بجهلها الا من كان حديث عهد بالإسلام .

وتوهم البعض ان حرية التعبير تمنحهم إطلاق العنان لأقلامهم وتصريحاتهم بلا حدود ولا قيود فصدموا مشاعر غيرهم ، وأحدثوا بأفعالهم جدلا عقيما من شانه نشر خطاب الكراهية ، وتفاقم أسلوب الازدراء والإهانة والبغض والعنف المتبادل ، متناسين ان لا شئ يقر الاحتجاج بحرية الرأي والتعبير لتبرير التمييز وخطاب الكراهية ، وينتظر في هذا المجال ان تولى الدولة أهمية قصوى لوضع إستراتيجية وطنية للوقاية من التمييز وخطاب الكراهية قصد أخلقة الحياة العامة ونشر ثقافة التسامح والحوار ونبذ العنف بكل اشكاله.

الأستاذ عمار خبابه حقوقي باحث قانوني

الجزائر في 10/02/2021

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا