تحذير صحي عالمي: تفشي جدري القردة في أفريقيا

جدري القردة لدى البشر: الفهم والتشخيص والوقاية

0
119
دكتور محمد أمين حيمر – كلية الطب , جامعة الجزائر 1
       يشهد جدري القردة عودة مقلقة على مستوى العالم، لا سيما في أفريقيا، حيث أعلنت منظمة الصحة العالمية مؤخرًا أن هذا الوضع يمثل حالة طوارئ صحية عامة تثير قلقًا دوليًا (PHEIC).هذا القرار، الذي اتخذ في أغسطس 2024، هو نتيجة للزيادة السريعة في الحالات في العديد من البلدان الأفريقية، ولا سيما في جمهورية الكونغو الديمقراطية، حيث ظهر نوع جديد من الفيروس.
      منذ يناير 2024، تم تسجيل أكثر من 15600 حالة و 537 حالة وفاة في أفريقيا، مما يمثل زيادة كبيرة عن السنوات السابقة. جمهورية الكونغو الديمقراطية هي الأكثر تضررًا، حيث تمثل حوالي 90 ٪ من الحالات المبلغ عنها. كما انتشر البديل الجديد، CLADE 1B، إلى البلدان المجاورة مثل رواندا وأوغندا وكينيا، مما أثار مخاوف بشأن الانتشار العالمي المحتمل.
      وتعمل منظمة الصحة العالمية عن كثب مع السلطات المحلية لتعزيز تدابير المراقبة، وتحسين القدرة التشخيصية، وتكثيف جهود التوعية للمجتمعات المحلية المعرضة للخطر. الأولوية هي كسر سلاسل الانتقال واحتواء تفشي الأمراض الحالية قبل أن تنتشر أكثر.
      وفي الوقت نفسه، تُبذل جهود لتحسين الوصول إلى لقاحات جدري القردة، مع مبادرات مثل إجراء قائمة استخدام الطوارئ (EUL) الذي سيسهل توزيع اللقاحات في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل.
هذا الوضع هو تذكير بأهمية الاستجابة المنسقة دوليًا لمنع حدوث أزمة صحية عالمية مماثلة لتلك التي شوهدت خلال تفشي 2022.
سجل النشاطات
تم التعرف على فيروس جدري القردة لأول مرة في قرد أسير في الدنمارك في عام 1958، ومن هنا جاء اسمه. ومع ذلك، تم اكتشاف أول حالة بشرية في عام 1970 في جمهورية الكونغو الديمقراطية. ومنذ ذلك الحين، سُجلت غالبية الحالات البشرية في أفريقيا، ولا سيما في المناطق الريفية حيث يكون الاتصال بالحيوانات المصابة أكثر تواتراً. تفشي المرض في البشر أمر نادر الحدوث ولكن يمكن أن يحدث، في كثير من الأحيان نتيجة للانتقال من الحيوانات إلى البشر.
العلامات السريرية
تحدث عدوى فيروس جدري القردة لدى البشر في عدة مراحل متميزة، ولكل منها أعراضه المميزة. فيما يلي المراحل الرئيسية للعدوى:
أتعرف فترة حضانة الفيروس؟
• المدة: 5-21 يومًا (عادةً 7-14 يومًا).
• الوصف: خلال هذه المرحلة، يتكاثر الفيروس في الجسم، ولكن لا توجد أعراض واضحة حتى الآن. الشخص المصاب ليس معديًا في هذه المرحلة.
2. المرحلة البادرية (أعراض السلائف)
• المدة: 1-5 أيام.
• الأعراض: الحمى، والصداع الشديد، وآلام العضلات، وآلام الظهر، واعتلال العقد اللمفاوية (تورم الغدد الليمفاوية). تسبق هذه الأعراض ظهور الطفح الجلدي. اعتلال العقد اللمفية هو سمة مهمة تميز جدري القردة عن جدري الماء أو الجدري.
• العدوى: يبدأ الشخص في العدوى، بشكل أساسي من خلال قطرات الجهاز التنفسي.
3. مرحلة الطفح الجلدي
• المدة: من 2 إلى 4 أسابيع.
• الأعراض: يبدأ الطفح الجلدي عادة على الوجه قبل أن ينتشر إلى أجزاء أخرى من الجسم، بما في ذلك راحتي اليدين وباطن القدمين. يمر الثوران بعدة مراحل:
1. بقع (بقع مسطحة).
2. الحطاطات (طفح جلدي مرتفع قليلاً).
3. الحويصلات (مملوءة بسائل شفاف).
4. بثور (مليئة بالقيح).
5. القشور التي تسقط في نهاية المطاف.
• العدوى: معدية للغاية خلال هذه المرحلة، خاصة من خلال الاتصال المباشر مع الآفات الجلدية وسوائل الجسم والمواد الملوثة.
4. مرحلة الشفاء
• الأعراض: تسقط القشور وتلتئم البشرة. بمجرد سقوط جميع القشور، لم يعد الشخص معديًا.
• العدوى: يصبح الشخص غير معدي بعد اختفاء القشور.
التشخيص الإيجابي لجدري القرود
يعتمد تشخيص جدري القرود بشكل أساسي على الفحص السريري والتأكيد المخبري. تتشابه الأعراض الأولية مع أعراض الإنفلونزا، بما في ذلك الحمى والصداع وآلام العضلات والتعب. ومع ذلك، فإن السمة الرئيسية لجدري القرود هي ظهور طفح جلدي، عادةً على الوجه، ثم على أجزاء أخرى من الجسم.
      ويتم تأكيد التشخيص المخبري عن طريق الكشف عن الحمض النووي الفيروسي في عينات من الآفات الجلدية أو سوائل الجسم الأخرى باستخدام تقنيات مثل تفاعل البوليميراز المتسلسل (PCR).
التعقيدات ومضاعفات
على الرغم من أن معظم الالتهابات تلتئم تلقائيًا، إلا أنه يمكن أن تحدث مضاعفات، بما في ذلك الالتهابات الثانوية والالتهاب القصبي الرئوي. يتعرض الأطفال والأشخاص الذين يعانون من نقص المناعة لخطر أكبر للإصابة بمضاعفات خطيرة.
لذلك تتبع العدوى بفيروس جدري القردة مسارًا محددًا جيدًا، مع مراحل من الأعراض التدريجية والعدوى التي تتوج بظهور الآفات الجلدية. تعد تدابير الإدارة والوقاية المبكرة ضرورية للحد من انتشار الفيروس.
استراتيجية الوقاية
توصي منظمة الصحة العالمية بعدة تدابير للسكان في البلدان خارج المناطق الموبوءة لمنع انتشار جدري القردة. وتشمل التدابير:
1. تعزيز المراقبة والتشخيص: يجب على السلطات الصحية تعزيز المراقبة للكشف السريع عن حالات جدري القردة، خاصة في الأشخاص العائدين من المناطق التي يتوطن فيها المرض. ويشمل ذلك تدريب الطاقم الطبي على التعرف على الأعراض وتحسين القدرات التشخيصية لتأكيد الحالات المشتبه فيها بسرعة.
2. التطعيم المستهدف: توصي منظمة الصحة العالمية بتطعيم الفئات المعرضة للخطر، بما في ذلك العاملين الصحيين المعرضين للخطر، والأشخاص الذين كانوا على اتصال وثيق بالحالات المؤكدة، والأشخاص الذين يعيشون في المناطق التي يتفشى فيها المرض. يمكن أن يساعد التطعيم في الحد من انتشار الفيروس بين الفئات السكانية الضعيفة.
3. حملات التوعية: من الأهمية بمكان إطلاع الجمهور على طرق انتقال الفيروس وأعراض المرض والتدابير الوقائية. وهذا يشمل نظافة اليدين، وتجنب الاتصال الجسدي الوثيق مع الأشخاص المصابين، وتطهير الأسطح التي يحتمل أن تكون ملوثة.
4. عزل الحالات: يجب عزل الأشخاص المصابين بجدري القردة لمنع انتقال العدوى إلى الآخرين. يجب مراقبة المخالطين القريبين للحالات المؤكدة خلال فترة حضانة الفيروس.
5. الوصول العادل إلى العلاجات واللقاحات: تعمل منظمة الصحة العالمية مع البلدان لضمان الوصول العادل إلى اللقاحات والعلاجات للسكان المعرضين للخطر. ويشمل ذلك اتفاقات للتوزيع السريع للقاحات ومضادات الفيروسات على البلدان التي هي في أمس الحاجة إليها.
6. التعاون الدولي: تعزز منظمة الصحة العالمية التعاون بين البلدان لتبادل المعلومات والموارد وأفضل الممارسات لمكافحة الوباء على الصعيد العالمي.
هذه التدابير ضرورية لمنع المزيد من الانتشار العالمي لجدري القردة وحماية السكان المعرضين للخطر. تعد الجهود المنسقة بين الحكومات والوكالات الدولية والمجتمعات أمرًا بالغ الأهمية لاحتواء المرض.
تدابير الحماية
تعتمد الوقاية من جدري القردة في المقام الأول على الحد من مخاطر انتقال العدوى من حيوان إلى إنسان ومن إنسان إلى إنسان. وتشمل الخطوات المتخذة ما يلي:
1. تجنب الاتصال بالحيوانات المصابة: يجب على الأشخاص الذين يعيشون أو يعملون في المناطق التي يتوطن فيها الفيروس تجنب الاتصال بالحيوانات التي قد تكون حاملة للفيروس، مثل القوارض والرئيسيات.
2. النظافة الشخصية: اغسل يديك بشكل متكرر بالماء والصابون، أو استخدم المحاليل الكحولية المائية، خاصة بعد ملامسة الحيوانات أو المرضى.
3. التطعيم: يوفر التطعيم ضد الجدري حماية شاملة ضد جدري القردة. على الرغم من توقف التطعيم الجماعي ضد الجدري بعد القضاء على المرض في عام 1980، إلا أنه قد يوصى به للأشخاص المعرضين لخطر كبير للإصابة بفيروس جدري القردة.
4. عزل الحالات: يجب عزل الأشخاص المصابين لمنع انتقال الفيروس إلى الآخرين. يجب مراقبة المخالطة الوثيقة للحالات المؤكدة.
الخاتمة
جدري القردة هو مرض نادر ولكنه يحتمل أن يكون خطيرًا ويمكن الوقاية منه من خلال تدابير الحماية والنظافة البسيطة. على الرغم من أن غالبية الحالات تتركز في أفريقيا، إلا أن ظهور الحالات مؤخرًا خارج هذه القارة يسلط الضوء على الحاجة إلى اليقظة المستمرة. يعد إعلام وتوعية عامة الناس أمرًا ضروريًا لمنع تفشي المزيد من الأمراض.
a Generaldeclaresmpoxoutbreak-WHO Director.(2024) .(WHO) WorldHealthOrganization
WHO: Disponiblesur. publichealthemergencyofinternationalconcern
Disponiblesur asmpoxcasessurgetounprecedentedlevelsinAfricaWHO onalert.(2024). UN News
WHO Director.(2024) .(WHO/PAHO)PanAmericanHealthOrganization

Disponiblesur .ernationalconcernGeneraldeclaresmpoxoutbreak a publichealthemergencyofint

ملخص: 
تحذير صحي عالمي: تفشي جدري القردة في أفريقيا
• منظمة الصحة العالمية أعلنت حالة الطوارئ الصحية العامة بسبب التزايد السريع في الحالات في أفريقيا، وخاصة في جمهورية الكونغو الديمقراطية.
• تم تسجيل أكثر من 15600 حالة و 537 حالة وفاة في أفريقيا منذ يناير 2024، مما يمثل زيادة كبيرة عن السنوات السابقة.
• ظهور سلالة جديدة “CLADE 1B” تسببت في انتشار المرض إلى البلدان المجاورة مثل رواندا وأوغندا وكينيا، مما أثار مخاوف بشأن الانتشار العالمي المحتمل.
وفيما يلي تفاصيل إضافية عن تدابير الوقاية والسيطرة على تفشي جدري القردة:
تعزيز المراقبة والتشخيص:
– تدريب الكوادر الطبية على التعرف الفوري على أعراض المرض وتحسين القدرات التشخيصية للكشف السريع عن الحالات.
– مراقبة الأشخاص القادمين من المناطق المتضررة والفحص السريع للحالات المشتبه بها.
التطعيم الموجّه:
– تطعيم الفئات الأكثر عرضة للخطر مثل العاملين الصحيين والمخالطين للحالات المؤكدة.
– التطعيم يساعد في الحد من انتشار الفيروس بين السكان الضعفاء.
حملات التوعية الجماهيرية:
– نشر المعلومات عن طرق انتقال العدوى وأعراض المرض والتدابير الوقائية.
– التركيز على نظافة اليدين، تجنب الاتصال الوثيق مع المصابين، وتطهير الأسطح الملوثة.
عزل الحالات وتتبع المخالطين:
– عزل الأشخاص المصابين لمنع انتقال العدوى.
– مراقبة المخالطين القريبين للحالات المؤكدة خلال فترة حضانة الفيروس.
التعاون الدولي والوصول العادل للقاحات:
– تنسيق الجهود بين الحكومات والمنظمات الدولية لتبادل المعلومات وأفضل الممارسات.
– ضمان توزيع عادل للقاحات ومضادات الفيروسات على البلدان الأكثر احتياجًا.
تكامل هذه التدابير الوقائية والاستجابة السريعة أمر بالغ الأهمية لاحتواء تفشي جدري القردة ومنع انتشاره إلى مناطق أخرى من العالم.

 

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا