تعليق المهام لا يكفي

1
380

قرر وزير التربية تعليق مهام رئيس مركز الامتحان بسطيف بعد منعه لتلميذة من استكمال امتحان البكالوريا أثناء عودتها من المستشفى مرفوقة بحارس إثر عارض صحي تعرضت له، وهو نفسه المسؤول الذي منحها ترخيصا بالمغادرة، وهو نفسه الوحيد المخول بالسماح لها بمباشرة إجراء الامتحان.

هل يكفي تعليق مهام مدير مركز إمتحان عن مهامه التي هي في الأصل مرتبطة بمناسبة امتحانات البكالوريا؟ فيما أن منصبه الحقيقي مدرسا بالسلك التعليمي، مديرا لمؤسسة تعليمية، أو إداريا على أقصى تقدير، بمعنى أن تعليق المهام مرتبط بحدث ينتهي فور نشر النتائج، لكن هذا المسؤول لا ينقص التعليق منه شيئا، سواء كان تحفظيا أو عقابيا بل إنه سيعود إلى منصبه الأصلي، ويمنع من مؤطري الشهادة طيلة مساره المهني مثلا، أو يوضع له إنذار في ملفه الإداري.

وشتان بين التعليق والإقصاء، بدليل أن التعليق جاء خاليا من أي متابعة تذكر، أما إقصاء أمينة فتبعاته تلازمها مدى الحياة بل تؤثر عليها نفسيا واجتماعيا وتربويا .

إن تحطيم إرادة طفلة في عمر الزهور كان سهلا ومستساغا بالنسبة لهذا المسؤول الذي تخلى عن مهامه الأولى كمربي أولا وكأب ثانيا، وكيف سيكون مصيره لو أن التلميذة أمينة سالم فلذة كبده أو قريبته؟ فهل يتصرف معها كما فعل وأندثر أم انه يلتزم الصمت؟ تلك قسمة ضيزى يشعر بها المتضرر دون غيره.

المتضرر الأول والأخير التلميذة أمينة لأن جهد سنة كاملة ضاع في لحظة طيش لمسؤول متعجرف، لم يراع دموع طفلة بريئة، ذنبها أن الوعكة الصحية زارتها دون حياء، وفي لحظة امتحان مصيري، وهي تدرك جيدا أن الوقت ثمين وكالسيف إن استسلمت له قد ترهن مستقبلها، لكن المقادير كانت أقوى من بقاءها تكابد الألم والوجع، فلو أنها خرجت دون تصريح لكان الأمر تجاوزا في حقه، ولو أنها غادرت القسم لوحدها لكان الوقع أكثر تعقيدا، ولو أنها استلقت مركبة غير سيارة الإسعاف وذهبت إلى المستشفى لكان ذلك تحديا، لكن كل هذه الأسباب لم تكن في قضية الحال، بل أن الأمور جرت وفق ما تنص عليه قوانين الجمهورية والتدابير المعمول بها في مثل هذه المواعيد.

لو يعتذر مدير المركز شخصيا  لأمينة، لن ينفعها شيئا، حتى ولو اعتذر الوزير شخصيا لن يجبر بخاطرها المجني عليه، ولو نشر الاعتذار على صفحات المواقع والجرائد ما أنقص من حزنها قيد أنملة فالقسمة ضيزى وشتان بين تعليق مهام وتحطيم أحلام أمينة.

 الدراجي الاسبطي

1 تعليق

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا