بعد تمرير حكومة الوحدة الوطنية، متابعون:

بوادر استرجاع ليبيا لعافيتها واستقرار المنطقة يرتبط باستقرارها

0
475

تمكنت حكومة “عبد الحميد الدبيبة”، من افتكاك ثقة مجلس النواب بـ132 صوت، بعدما تأجلت ليومين كاملين، حيث تمت الموافقة على كل التشكيلة ماعدا وزارة الدفاع التي لازال الاختلاف حولها قائما، بسبب التجاذبات بشأنها، لتسند إلى رئيس الحكومة “عبد الحميد الدبيبة” مؤقتا إلى غاية التوصل إلى شخصية التوافق، على أن تؤدي حكومة الوحدة الوطنية اليمين الدستورية يوم الاثنين القادم بمدين “بن غازي” حسبما أعلنه رئيس مجلس النواب “صالح عقيلة”.

وحسب متابعين للشأن الليبي، فإن نيل حكومة الوحدة الوطنية لثقة مجلس النواب بمدينة “سرت” أمس واتفاقها على أداء اليمين الدستورية بمدينة “بن غازي” الأسبوع القادم، دليل على اقتراب وجهات النظر وتغليب مصلحة الوطن على الجميع، مؤكدين أن سرعة الإجماع عليها، لا يعني سهولة مهامها على أرض الميدان والدليل غياب التوافق على أهم وزارة وأكثرها حساسية وهي وزارة الدفاع، التي تحمل أكبر المهمات وتواجه أخطر التحديات وهو التحدي الأمني.

في هذا الشأن، أجمع متابعون للملف الليبي لموقع “أخبار الجزائر الجديدة” أن أهم تحد يواجه حكومة الوحدة الوطنية بعد منحها الثقة هو توحيد المؤسسات الأمنية، نزع السلاح، حل المليشيات وإخراج المرتزقة والمقاتلين الأجانب، في ظل التكالب الدولي على نيل كل طرف نصيبه من الكعكة، وتوغله بالمنطقة عموما، لتمديد خط امتداده بباقي المناطق، مؤكدين أن استقرار ليبيا وعودتها للساحة الإقليمية والدولية، سيعطي دفعة للمنطقة ويجعلها تتعزز أمنيا وسياسيا.

 

الإعلامي “حمزة كمال” من لبنان:

نجاح ليبيا يتوقف على قاعدة “الموطنة” وتوحيد المؤسسات الأمنية

اعتبر الإعلامي “حمزة كمال” أن موضوع ليبيا هو موضوعا صعبا وليس بتلك السهولة التي تبدو لمن هم خارج الواقع الليبي، موضحا أنّ أهم قاعدة تفرض نفسها على الليبيين هي “المواطنة”، التي يجب أن يكون عليها المواطن الليبي، والتي على إثرها يمكن تكوين الحكومة وعدم تدخل الأجانب وتكون وطنية نابعة من الأصل من المواطن الليبي المتمسك بالدستور الليبي، بعدما تم تمرير الحكومة المؤقتة الحالية.

وأضاف المتحدث، أن تأسيس حكومة انتقالية هدفها خلق حكومة تعتمد على الدستور والانتخابات والكفاءات والديمقراطية الأصيلة التي تحافظ على البلد كونه يزرح تحت مشاكل صعبة، لأنه لازال مستعمرا ولازالت عديد الدول تبحث عن مصالحها على حساب الشعب الليبي ومصالحه. وفيما يتعلق بآلية التخلص من السلاح والميليشيات والمرتزقة، يتم عبر المحادثات الجارية تحت الأمم المتحدة والمنظمات الدولية، مشيرا أنّ هناك لجنة مشتركة عسكرية “أممية” توقع اتفاق دائم لوقف إطلاق النار، إضافة مسارات أخرى في مسار عملية السلام، فحسبه لابد من توحيد الجيش والمؤسسات الأمنية بالبلاد وتفكيك المليشيات وإخراج المرتزقة، لأن التحدي الحقيقي هو توحيد الجيش والمؤسسات مثلما جرى بالعراق، وبالتالي هي مهمة شبه مستحيلة حسبه.

 

الإعلامي أحمد بلحسن من الجزائر:

استقرار ليبيا هو استقرار المنطقة المغاربي

من جهته، ثمن الإعلامي الجزائري “أحمد بلحسن” فوز الحكومة الليبية بقة برلمانها، معتبرا في حديثه لموقع “أخبار الجزائر الجديدة”، أن استقرار ليبيا هو ضمان لاستقرار المنطقة المغاربية. واسترجاع ليبيا لقوتها سيجعلها تعود إلى الساحة الدولية من جديد، وهذا باديا من الوهلة الأولى وفي مقدمتها لأول مرة مغاربيا وعربيا تعيين امرأة في وزارة الخارجية، دليل أنها عادت لتكون دولة قوية ببعدها الإنساني والدولي المتفتح، إلى جانب وضوح رسالتها بامرأة غير محجبة، درست بأمريكا، في إشارة إلى تخطي المرحلة الإخوانية، لاسيما وأن أطرافا عديدة حاولت تنفيذ أجندات تشتت القبائل الليبية وتغرق الدول المجاورة لها في مشاكل لا نهاية لها.

وأردف المتحدث، أن علاقة ليبيا بالجزائر قوية جدا تتعدى الحدود الجغرافية المشتركة إلى العلاقة المصاهرة التي تربط قبائل الدولتين جنوبا، كما أن استقرارها الآن سيعطي الفرصة للجزائر بالتنسيق معها بشأن ملف النفط، موضحا أن الأمم المتحدة وحتى أوروبا وروسيا داعمة للحكومة الجديدة في حين الدول الرافضة ليس لها تأثير، على غرار تركيا التي صمتت لأنها رأت أن كل الأمور ضدها والوضع الدولي انقلب عليها، وهو ما سيجعلها تسحب جيشها وروسيا تضغط لانسحاب مرتزقة حفتر حسب “بلحسن”.

 

المحامي والسياسي “معمر سعود” من سوريا:

الحكومات المنصبة من القوى الأجنبية لن تحقق أهدافها كما يجب

في شق موازي، كشف المحامي والناشط السياسي السوري “معمر سعود” أن الحكومات التي تنصبها القوى الكبرى مثل أمريكا، فرنسا، إيطاليا وروسيا …. وتركيا دخلت على الخط، ستخضع في الأخير لشروط تمليها عليها هذه الدول وفق مصالحها الخاصة، وما يحدث بليبيا، يحدث بسوريا، موضحا أنه لا أحد له مصلحة في القضاء على المشاكل وإيجاد الحلول. وهذا ما حصل بالعراق منذ سنة 2000 إلى اليوم، توالت تغييرات حكومية متتالية سنية، شيعية، كردية، لكن القرارات والسياسات بقيت نفسها، والنتائج منازعات طائفية، اغتيالات وسحب النفط، بينما الشعبين العراقي والسوري لا يستفيدان من شيء.

وأضاف المتحدث، أنّه في 2010 كنا كسوريين في رفاهية، لما دخلنا في هذه المغارة، أضعنا المخرج واليوم الشعب يواجه فقدانه للكهرباء ، البنزين، الغاز ولا حتى الخبز.

مختصرا حديثه بالقول: “تختلف الحروب عسكرية، اقتصادية، ثقافية … ويلصقون المسؤولية بإيران، الأسد، تركيا، الخليج…وغيرهم، والنتيجة شعوب فقيرة ومؤسسات منهارة ودول مستباحة.”

الإعلامي “ماهر جعيدان” من تونس:

من جهته، أكد الإعلامي التونسي “ماهر جعيدان” أن تجميع الفرقاء صعب والتدخلات الخارجية هي من تمنع التوازنات، فرغم نجاح تمرير حكومة الوحدة الوطنية، إلا أنه على الميدان سيبقى الوضع صعبا الى غاية الانتخابات، مضيفا أن الكل يصطاد، ولابد أن هناك تنازلات هيكلية، معاملات، وإدارات كعملية لوجيستية، أما ميدانيا سيتم تقسيم الكعكة ومن لن يجد مكانه سيسعى لمواصلة خرابه، موضحا أن التدخل الدولي كمصر، تركيا، إيطاليا وفرنسا سواء مع الغرب أو الشرق في إشارة منه إلى “حفتر”، فإن التنازلات ستكون تكتيكية وليست استراتيجية.

مع العلم يقول –المتحدث- أن مدى الاستثمارات الخارجية بليبيا هي من تتحكم في الوضع والبنية التحتية، مؤكدا  أن استقرار ليبيا هو مؤيد جيد لضمان استقرار بالمنطقة ككل لاسيما تونس والجزائر ومصر، مذكرا “جعيدان” أنه

لأول مرة الدولة الليبية تصرف أجور الموظفين العموميين في كامل الدولة الليبية دون استثناء. وهذا يعتبر بادرة حسنة لاشتغال حكومة الوحدة الوطنية.

 

الإعلامي “حسين مفتاح” من ليبيا:

يجب مساندة الحكومة لتجسد أهدافها

في حديثه لموقع “أخبار الجزائر الجديدة”، أوضح الإعلامي الليبي “حسين مفتاح” أن هذه الحكومة التي تم اختيارها من قبل لجنة الحوار السياسي 5 فبراير الماضي بجنيف، لا يمكن الحكم عليها بشكل مطلق، لأنها جاءت على اشتراطات معينة، مشيرا أنّ  هذه الاشتراطات بالأساس تعتبر معيبة وكل ما بني عليها لا يمكن أن يكون مقبولا بالمطلق باعتبار أن أهم الشروط المقترحة في خارطة الحل السياسي في ليبيا في الحوار الوطني، الذي قادته البعثة الأممية برئاسة “ستيفان ويليمز”، كان من شروطه الأساسية هو مراعاة التوزيع الجغرافي لاختيار وزراء الحكومة وهو ما يعني تطبيق مبدأ المحاصصة، والمحاصصة عادة ما تأتي على حساب الكفاءة وهو ظهر جليا في هذه التشكيلة حسبه. مردفا أن التشكيلة الوزارية لازالت تخضع إلى التعديل باعتبار أن أعضاء مجلس النواب في الجلسة الأولى لمناقشة منح الثقة حاولوا تغيير بعض الأسماء.

وتابع بالقول: “خارطة الحل الجديدة التي وضعتها اللجنة الأممية، أقصد هنا لجنة الحوار السياسي ومنتدى الحوار السياسي قرروا أن هذه الحكومة ما لم يتم اعتمادها من قبل مجلس النواب كيفما كان وضعها، يبقى أمام الرئيس خيار آخر، وهو دعوة لجنة الحوار إلى الاجتماع من جديد وطرح التشكيلة الحكومية أمامها ومناقشة منح الثقة للحكومة، وهو ما يعني مصادرة دور مجلس النواب التشريعي.

أما فيما يتعلق بموضوع التحديات التي تواجه هذه الحكومة/ فهو طويل وشائك والحديث فيه يطول، لأنه حسب “مفتاح” فإن هذه الحكومة ولا غير هذه الحكومة ولا أي مجموعة بديلة مهما كانت كفاءتها وخبرتها وقدرتها وحتى لو تأتت لها ظروف أفضل، خاصة في هذا الزمن الضيق، لن تحل الكثير من مشاكل ليبيا. فالتحدي الأمني هو أهم التحديات والبعثة الأممية لما وضعت خارطة طريق، بنتها على ثلاثة مسارات، وهي مسار أمني عسكري، مسار اقتصادي ومسار سياسي. مؤكدا أنه كان يفترض أن تعطي المسار الأمني حقه الكامل، في أن تنفذ ما تم الإتفاق عليه من طرف لجنة المسار الأمني، وهي لجنة 5+5. بمعنى لجنة عسكرية من الجيش الليبي بخمسة عناصر وخمسة آخرين  من قوات الوفاق، تم الاتفاق فيما بينهم بـ”جنيف” في 23 أكتوبر 2020، على وقف دائم لإطلاق النار، وخارطة حل لبعض المشاكل، منها إخراج المرتزقة والمقاتلين الأجانب، وقف كامل لإطلاق النار، توحيد مؤسسات الجيش، إطلاق سراح المعتقلين من الطرفين، ومجموعة نقاط أخرى. معتقدا أن البعثة الأممية لم تركز بشكل كبير على هذا المسار وتجاوزته وكأنها كانت في سباق كبير مع الزمن الى المسار السياسي حسبه. وأضاف المتحدث، أن المسار الأمني هو خارطة الحل في ليبيا. وما لم تعالج هذه المسائل الأمنية فإن كل الحلول التي تدور الآن بما في ذلك ما تخطط له الحكومة الجديدة وهو الوصول الى الاستحقاق الانتخابي قبل نهاية العام، سيكون في مهب الريح. مواصلا أن توحيد مؤسسات الدول الأخرى غير الجيش هو تحد آخر، قد لا يكون بمستوى توحيد مؤسسات لجيش ونزع السلاح من المجموعات الخارجة عن القانون وإخراج المقاتلين الأجانب وحل الميليشيات وهي المجموعات العملية التي لا تنتمي لمؤسسات الجيش ولا حتى لمؤسسة الشرطة، رغم أن الشرطة مؤسسة مدنية ولكن يحق لها حمل سلاح نوعي لها علاقة بتأمين المدن والمناطق والأحياء وغيرها. متأسفا على وجود ليبيا منذ أكتوبر 2011 تحت الوصاية الدولية، بمقتضى قرار مجلس الأمن 19/73 الذي وضع ليبيا تحت طائلة الفصل 7 من ميثاق الأمم المتحدة، الذي يتيح حتى التدخل بالقوة لحل ما يمكن أن يمثل تهديد للأمن والسلم المحلي والاقليمي والدولي.

وشدد المتحدث، بالقول:  إنّ الحكومة ستكون أمام امتحان عسير أمام استحقاقات غاية في الصعوبة، إذا ما تمكنت من التوطئة لانتخابات في ظروف غياب أمني تام، وهو ما يستدعي حسب “مفتاح” تعاونا دوليا وحتى تعاون بعض الأطراف الليبية الأخرى، ليكتمل دور الحكومة، لأن بقاءها لوحدها تصارع سيحيلها على الفشل.

مردفا أن موضوع الاستقرار بليبيا واستعادة عافيتها وحل مشاكلها بشكل جذري، لا يمكن أن يكون بأي حال من الأحوال خارج الأيدي الليبية، لأن التدخلات الخارجية هي ما ترتب عليها الوضع القائم في ليبيا. والمنظومة الدولية أو ما يسمى بالمجتمع الدولي أو الدول الكبرى المتداخلة في الملف الليبي، تدخلت في 2011 لكي تبقى ليبيا دولة قوية داخليا وفي محيطها، أعتقد أنه كان يستهدف وجود مثل هذه الحالة. مستذكرا مبدأ “الفوضى الخلاقة”  التي أعلنتها أمريكا قبل سنوات حتى قبل ما يعرف بالربيع العربي، عندما تكلمت وزيرة الخارجية “كوندوليزا رايس” عن الحاجة للفوضى الخلاقة. فأصبحت ليبيا “الفوضى الخلاقة”، هذه الأخيرة التي آثارها على التراب الليبي، بعدما كانت دولة من دول المنطقة ترتبط بعلاقات مع دول شقيقة وصديقة وجارة تحديدا، اليوم تحديدا أصبحت بؤرة خطر ليس فقط محليا بل دول المحيط سواء دول الطوق مباشرة وحتى دول الاقليم ودول حوض المتوسط، مشيرا أن معالجة هذه القضايا حسب “حسين مفتاح”، للأسف أصبح الحديث عنها بعيدا عن الواقعية، لأن ما حاصل بليبيا شيء لم يحصل على الأقل في التاريخ المنظور بالمنطقة، فما جرى بليبيا، سبق وأن تم بالصومال والعراق، قائلا: “نشاهد الآن الصومال قرابة 3 عقود والعراق تجاوزت العقدين، الوضع كما نراه، أعتقد أن ليبيا نسخة ثالثة من هذه النماذج، لكن يبقى الأمل مربوطا بإرادة الشعب”.

ميمي قلان

 

 

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا