المرادية والاليزيه .. هل ذاب الجليد؟

0
420
المرادية والاليزيه

هل تضع عودة سفير الجزائر بباريس حدا للمزايدات الرسمية للكندورصي، وهل تتوقف كرة الثلج قليلا بعد انقطاع دبلوماسي في تاريخ العلاقات الثنائية بين البلدين دام ثلاثة اشهر؟، هل يعي ماكرون أن الانحرافات الخطيرة التي تحملها تصريحاته حول الجزائر ستجره إلى مستنقع هو في غنى عنه ؟، أم أن توسلاته المتكررة ورسائل مبعوثيه إلى الجزائر ما هي إلا ذر للرماد في الأعين قصد تمرير الأجندات السياسية والأمنية والاقتصادية المتعلقة طبعا بالمصالح الفرنسية في المنطقة الحيوية والمحورية بما فيها “المتوسط والساحل الإفريقي”.

الجفاء الدبلوماسي الذي أظهره الرئيس تبون لنظيره الفرنسي بعد المزايدات المغلوطة منذ الحراك الشعبي وتوليه مقاليد الحكم لم يكن بردا وسلاما على باريس، وعكس كل التوقعات فإن صفعة ” القولف”هذه المرة كانت سابقة وقاسية، لم تشهدها الأعراف والتقاليد الدبلوماسية إلا في عهدي الرئيسين السابقين هواري بومدين واليمين زروال، وما يؤكد ذلك ما قاله عشية فوزه بالانتخابات الرئاسية ردا على تصريحات ماكرون عندما دعا السلطات الجزائرية للحوار مع الشعب فجاءه الرد سريعا من قصر المؤتمرات في أول خرجة للرئيس تبون “هو حر يسوّق البضاعة التي يحب في بلاده وأنا انتخبني الشعب الجزائري ولا أعترف إلا بالشعب”.

السوابق الفرنسية ومواقفها من السياسة الداخلية والخارجية للجزائر ليست وليدة اليوم، وما كان لها أن تستمر وتتمادى، لو توفرت لديها موانع الحمل الدبلوماسي حتى لا تتطاول بمثل هذه السقطات، فالاجهاضات السياسية الفرنسية معروفة وهي متعودة على مثل هذه التجاوزات ولنا في العشرين سنة الماضية عديد المحطات غير المشرفة في تاريخ السياسية الخارجية، أبرزها تصريحات لوزير أول أسبق عندما قلل من المطلب الشعبي القاضي باسترجاع جماجم شهداء المقاومة معتبرا اعتذار فرنسا الكولونيالية لا حدث، ولعل المشهد السياسي لا يزال يتذكر تدخلات خطيرة خلال زيارات دولة لرؤساء فرنسيين سابقين، أدلوا بتصريحات غير مسؤولة ولعل أهمها تلك التي أبعد فيها وزير المجاهدين الأسبق من مرافقة زيارة دولة للرئيس الفرنسي إياه.

هل يمكن القول بأن فرنسا الكولونيالية أدركت بعد هذا الجفاء الدبلوماسي أن تعاملها مع الجزائر الجديدة اليوم يختلف جملة وتفصيلا عن جزائر الأمس؟ وأن قطع الزائدة الدودية صار أمرا حتميا بعد فشل سيناريوهات “ريع الذاكرة” و “عدم وجود أمة جزائرية سابقة”، وأن تهدئة التوتر مع فرنسا مرتبط باعتذار والتزام بعدم فتح أي نزاع قديم بطريقة عديمة الجدوى.

دراجي الاسبطي

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا