حقائق مثيرة كشفتها 17 ساعة من عمر المحاكمة

المؤبد لولطاش شعيب في قضية اغتيال علي تونسي

0
208
أصدرت، اليوم الجمعة، محكمة الجنايات بمجلس قضاء العاصمة حكما يقضي بالسجن المؤبد في حق ولطاش شعيب، مع الحجر القانوني عن جناية القتل العمدي مع سبق الاصرار والترصد في حق علي تونسي ومحاولة القتل العمدي في حق مدير الأمن الولائي السابق وأحد الإطارات، وكذا تهمة حمل سلاح ناري من الصنف الرابع من دون رخصة، بعد إجابتها على جميع أسئلة الإدانة بنعم في غرفة المداولات.
والتمس النائب العام لدى محكمة جنايات العاصمة في ساعة متأخرة من يوم الخميس، تسليط عقوبة الإعدام في حق المتهم.
وطلب النائب العام في مرافعته ب”تنفيذ عقوبة الإعدام في حق المتهم نظرا لخطورة وقائع الجريمة التي ارتكبت في حق المسؤول الأول عن جهاز الشرطة المكلف بحماية المواطنين وفي مكتبه الشخصي”.
وركز النائب العام في مرافعته المطولة على”التناقض في التصريحات” التي أدلى بها المتهم ولطاش عبر مختلف مراحل التحقيق، مبرزا أن هذا “التناقض يبحث من خلاله المتهم عن وسيلة نجاة “.
وأرجع  سبب “ارتكابه لهذه الجريمة الى اكتشاف المدير العام للأمن الوطني منح ولطاش بصفته رئيس لجنة عصرنة المديرية صفقة تتعلق بتزويد المديرية بوسائل الاعلام الألي لصهره المدعو ساطور توفيق مقابل مبالغ خيالية”.
وتعود خلفيات القضية حسب النائب العام الى تاريخ 7 فبراير 2010 حينما أرسل الضحية علي تونسي رسالة شخصية الى ولطاش، “يطلب فيها منه توضيحات حول مدى صحة منح الصفقة لصهره، مما أثار حفيظة ولطاش الأمر الذي دفع به الى ارتكاب هذه الجريمة”، يضيف النائب العام.
وأضاف أنه في يوم وقوع الجريمة في 25 فيفري 2010 “اطلع المتهم على مقال بجريدة النهار يتحدث عن تجميد المدير العام للأمن الوطني لمهام رئيس الوحدة الجوية فذهب ولطاش في نفس اليوم إلى مكتب المدير العام طالبا منه تأجيل اجتماع المدراء المركزيين حتى يتفادى إهانته في هذا الاجتماع  الذي كان سيخصصه علي تونسي للوقوف على نتائج عصرنة جهاز الشرطة”.
واستهلت، في وفي ساعة متأخرة من يوم أمس الخميس، الاستاذة شنايف فاطمة الزهراء  هيئة الدفاع الطرف المدني عن المدير العام للمديرية العامة للأمن الوطني علي تونسي، أن الضحية غُدر به من أقرب المقربين إليه، وأنه لم يكن إطلاقا يستحق هاته النهاية، نظرا لما قدمه للجزائر من تضحيات وتلبيته لنداء الرئيس السابق اليامين زروال، حين ناداه لخدمة الجزائر مرة ثانية ليكون مديرا عاما للأمن الوطني، بعدما أنهى خدمته بالجيش وأحيل على التقاعد برتبة عقيد.
 وأضاف الدفاع أن علي تونسي، لم يكن يستحق أن يُقتل بهاته الطريقة من صديقه أولطاش شعيب، خاصة وأنه هو من استدعاه ليكون رئيسا على الوحدة الجوية التابعة للمديرية والتي تم استحداثها آنذاك.
وبالرجوع إلى ما جرى بتاريخ 25 فيفري 2010، أكدت الاستاذة شنايف، أن ما جاء في تصريحات أولطاش في جلسة المحاكمة، بأن الضحية حاول الاعتداء عليه بواسطة فاتح الأظرفة، لم يكن بالأمر المنطقي، خاصة أنه توجه إلى مكتبه بعدما جهز نفسه بسلاح ناري وجه له به رصاصتين إحداهما انطلقت نحو الخد الأيسر للضحية، اخترقت لسانه ومرت عبر القفص الصدري إلى الفقرات الظهرية، أين عُثر على العيار الناري غير أنها لم تكن سببا في الوفاة، إلى غاية أن أجهز عليه أولطاش بعد سقوطه أرضا بالطلقة النارية الثانية التي كانت كفيلة بإنهاء حياته بعدما أصابته من الجانب القريب من الأذن اليسرى واخترقت جمجمته ففجرت دماعه.
وأشارت المحامية إلى أن المتهم أولطاش وحسبما جاء في تقرير الطبيب الشرعي بكل تفاصيله، يؤكد نيته المبيتة في قتل الضحية وإصراره على ذلك بالطلقة الثانية، خاصة وأن كلتا الطلقتين الناريتين كانتا قد وُجهتا إلى الرأس مباشرة، مفندا ما جاء به المتهم أولطاش في تصريحاته بتوجيه له عيارين أحدهما على مستوى اليد اليمنى والثانية على مستوى الصدر، وتراجعه عما سبق أن أدلى به عبر جميع مراحل التحقيق، رغم تأكيد الطبيب الشرعي في تقريره وفي جلسة المحاكمة تلقي الضحية لطلقتين الثانية منهما فجرت دماغ الضحية وأنهت حياته، وتمسك الدفاع بقبول تأسس ذوي الحقوق أطرافا مدنية في الملف، مؤكدا أن جميع أركان التهمة المتابع بها أولطاش شعيب والمتعلقة بتهمة القتل العمدي مع سبق الإصرار والترصد قائمة.
وفي سياق متصل، رجع الدفاع إلى شهادة الكاتب الخاص بالمدير العام «د.عبد العزيز» الذي أشار إلى أن ولطاش لدى تقدمه من مكتبه لطلب مقابلة المدير العام، سحب قرص دواء تناوله وأعاد المشط إلى جيبه، وأن هذا التصريح يفيد بأن أولطاش كان في قمة غضبه مما تم تسريبه حول تجاوزات ارتكبها لدى توليه رئاسة لجنة الصفقات المكلفة بإنجاز مشاريع خاصة والتي تصب في مجال عصرنة القطاع. وأشار إلى أن أولطاش صرح أنه لحظة إطلاق النار على المدير العام كان بكامل وعيه، بناء على ماء جاء على لسان المتهم، وهو دليل آخر على جريمته العمدية، والتمس الدفاع في آخر أقواله إجابة على جميع الأسئلة بـ«نعم».
أما دفاع المتهم الأستاذ بلعريف محمد الطيب،  فقال خلال مرافعته أمام هيئة المحكمة، إنه قام بالطعن بالنقض في حكم الإعدام الصادر ضد موكله لدى المحكمة العليا والذي اعتبره قاسيا جدا في ظل غياب دليل مادي بأنه الجاني الحقيقي خاصة وأنه من غير المعقول أن تكون كاميرات المراقبة المنصبة في المديرية العامة للأمن الوطني التي تعد واحدة من أكبر الأجهزة في الدولة معطلة وفي يوم الجريمة بالذات مضيفا أنه تم العثور في مسرح الجريمة على 03 رصاصات في حين أن التحقيق أفاد بخروج طلقتين فقط من مسدس موكله من أصل 06 طلقات متسائلا عن مصدر الطلقة.
 وأضاف الدفاع بلعريف محمد، أنه طالب ببراءة موكله من جناية القتل العمدي مع سبق الإصرار والترصد وترك النظر للمحكمة في تهم محاولة القتل العمدي وحيازة سلاح بدون رخصة مشيرا أنه لديه قناعة تامة بوجود سيناريو آخر للجريمة.
وأشار المحامي بأن التحقيق كان ناقصا وطعن في شهادة الوفاة التي لم تحدد الوقت الحقيقي للوفاة بل حددت توقيت معاينة الجثة إلى جانب عدم العثور على الحمض النووي في الرصاصة القاتلة.
وبخصوص فحوصات الأشعة، فقد أكد الاستاذ أيمن سوسي، والأستاذ اوعالم رضا، أن معظمها مجهولة الجهة التي أنجزتها باستثناء الأشعة المنجزة على مستوى مستشفى الشرطة، وهو مايضع عدة شكوك حول الأمر، حسبها، مطلقة اتهامات حول وجود تجاوزات من قبل الخبراء الذين تم تعيينهم بعد مخالفة البروتوكول الذي يشترط في تشريح الجثة 3 خبراء وليس خبيرين اثنين فقط كما جرى في ملف قضية الحال.
وأفاد أنيس رحماني وهو المدير العام لجريدة النهار، المسجون حاليا بالمؤسسة العقابية القليعة، الذي حضر الى الجلسة برفقة رجال الدرك والصحفية السابقة بذات الجريدة دليلة بلخير، للادلاء بشهادتهما بالنظر إلى تزامن الجريمة مع مقال كان قد صدر في نفس اليوم عبر صفحات ”النهار”، حول تجميد العقيد المرحوم علي تونسي لصلاحيات العقيد شعيب أولطاش، بصفته مسؤولا عن لجنة الصفقات بالمديرية العامة للأمن الوطني.
وفي هذا الشأن؛ أشار الشاهد أنيس رحماني في تصريحه أن الجريدة قامت بعمل صحفي ومهني لا علاقة له بالجريمة، مشيرا إلى أن تزامن الحادثة ساعات بعد نشر المقال في عدد 25 فيفري الماضي كان محض صدفة، وليس هناك ما يبرر تحويل خبر صحفي إلى خارج إطاره، مشيرا بأن المقال لم يكن حدثا هاما، وهو ما يفسّر عدم تصدّره للصفحة الأولى من ”النهار” حسبه، مضيفا أنه لايعرف المتهم، ولم يدخل مقر المدرسة العامة للأمن الوطني، وأنه كلف  الصحفية دليلة بلخير، بالبحث والتحري في صحة معلومات وردت إلى الجريدة، بشأن تجميد صلاحيات شعيب أولطاش، وإعداد الموضوع في فترة لا تتجاوز 48 ساعة، وهو ما تم فعلا من قبل الصحافية التي اتصلت بالجهة المعنية، لكن تعذر الحصول على رد، وهو ما دفع ”النهار” إلى قرار نشر الخبر، والذي لم يكن فيه أية عبارة تحريضية أو بها مساس بجهاز الأمن الوطني بتاريخ 25 فيفري الماضي.
وفاء. ب

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا