الطبيب محمد الطاهر عيساني يكشف “لنيوز الجزائر” من وراء هجرة الكفاءات إلى الخارج

0
386
محمد الطاهر عيساني

أكد الطبيب مختص في تشخيص الأمراض ورئيس اللجنة الجهوية لأخلاقيات الطب محمد الطاهر عيساني، في تعقيب على نجاح 1200 طبيب جزائري في مسابقة مطابقة المعارف ” EVC Épreuve de vérification des connaissances ” وهي مسابقة دورية ينضمها المركز الوطني الفرنسي لتسيير الممارسين الاستشفائيين موجهة للأطباء المختصين الذين ينتمون إلى دول غير الاتحاد الأوروبي.

وقال الدكتور عيساني بأن ما لا يقل عن 24 جنسية أو دولة خارج الاتحاد الأوروبي شاركت في المسابقة حيث نجح 2000 طبيب مختص منهم 1200 طبيب مختص جزائري حيث اخذ هذا الموضوع قسطا كبيرا من التعاطي الإعلامي والسياسي والأخذ والرد بل وركبه بعض الساسة العاطلين مطية بائسة يكشف فيها عن قصور رؤية وضيق تفكير وتحجر في الطرح.

وأوضح الطبيب عيساني، أن الوقوف على هذه الظاهرة يلزمنا بأن نذكر أن أكثر من 80000 جزائري حائز على شهادة التعليم العالي والبحث العلمي هاجر إلى أوروبا وأمريكا منذ سنة 1979، وهنالك 100 ألف مدير مدير مؤسسة كلهم جزائريون في أوروبا، و 7000 طبيب جزائري يعملون في مستشفيات فرنسا هاجروا بين سنتي 1992 و 1996 فقط. والمعطيات الإحصائية تفيد بوجود 1.655.863 جزائري مسجلين لدى المصالح القنصلية الجزائرية منهم 1.335.109 مسجل في فرنسا لوحدها، و179.924 في أوروبا و69200 في أمريكا، وهي أرقام رهيبة وكبيرة تضاف عليها وجه القصور القبيح في رصدها والإحاطة بها.

كثير من الدول في العالم استبقت ظاهرة هجرة كفاءاتها للخارج من خلال تأطيرها وربطها بالوطن وجعلها خزان معرفي زاخم من شأنه أن يكون إضافة كبيرة في نمو الوطن وتطوره من جهة وفي جعله مصدرا لا يستهان به لضخ الاستثمار ورؤوس الأموال ثم جعله رصيدا عالميا يزن من ذهب في التجاذبات الجيوستراتيجية للدول، فهجرة الكفاءات مهما كان تخصصها يجب أن تدرج في إطارها الحقيقي ما يواكب العولمة والتفتح والانفتاح فالقضية أكبر من هم اقتصادي بحت لأنها أكبر من الاقتصاد وأكثر تعقيدا وتستوجب تناولها من باب متعدد المنافذ منها السياسي والاجتماعي والاقتصادي والمعرفي.

بكل موضوعية لم يكن مشكل هجرة الأدمغة في الجزائر خاصة هما واهتماما لدى السلطات العليا في البلاد بالرغم من النزيف الكبير الذي تسببه هذه الظاهرة للاقتصاد الوطني وللمنظومة المالية.

قد يبدو الأمر طبيعيا إذا اعتبرنا أن ظاهرة هجرة الكفاءات لا تعد من أولوية الأولويات لدى هذه السلطات التي بسكوتها تكون مساهمة بقدر كبير في التغاضي عن الظاهرة كونها بالمقابل تقلص من الضغط الداخلي على سوق العمل، وبالمقابل تقليص نسبة العاطلين عن العمل.

ما يلاحظ هو انعدام وجود هيئة أو مؤسسة متصلة بالتعليم العالي والبحث العلمي أو الاقتصاد أو التجارة بل الاهتمام متصل بالتضامن ما يحمل اهتمامات اجتماعية بحتة عما هو مرتبط بالمعاشات التعويضات والمعطوبين.

ما يؤكد قصور الرؤية وانعدام سياسة وطنية واستراتيجيات كاملة ومكتملة، جمود داخلي مؤسساتي واكبه قصور دبلوماسي في تأطير الكفاءات الوطنية مع إحصائها وبث روح الانتماء فيها.

سجلت الجزائر موجات كبرى في هجرة كفاءاتها بسبب متطلبات اقتصادية بحتة ( سنة 1988) ثم ما تبعها أثناء ما يسمى بالعشرية السوداء والتي شهدت موجة عاتية من هجرة مثقفين وإعلاميين وإطارات ورجال أعمال إلى دول متعددة في الاتحاد الأوروبي وكندا وانجلترا وأمريكا بل حتى المشرق باتجاه دول الخليج.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا