الباحث في التاريخ فوزي سعد الله:

الطبخ اليهودي أكذوبة.. والصهيونية صنعت أطعمة “يهودية” وهمية

0
752

تحدث الباحث في تاريخ الحضارة الأندلسية والجزائر، فوزي سعد الله عن المطبخ اليهودي وتأثير الصهيونية عليه، نافيا بشكل كبير وجود هوية طعامية أو طبخية يهودية مستقلة بذاتها.

وقال سعد الله في مقال نشره بالفايسبوك من كتابه” يهود الجزائر هؤلاء المجهولون” تحت عنوان “عن الطبخ اليهودي.. في مهب رياح الصهيونية”: “تحت تأثير الدعاية الصهيونية وأبواقها الإعلامية في الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا، بشكل خاصّ، يُردِّد بعضُ الإعلام الجزائري، ومعَه بعض الإعلام العربي المنخرِطة أنظمتُه جهرًا في التعاون مع المُحتلِّ الإسرائيلي، صدى أكاذيب عن وُجود هوية طَعامية أو طبخية يهودية مستقلة بذاتها “.

وأضاف: “بل في الجزائر، بدأ يَشِيعُ الحديثُ جماهيريًا عن تأثير فنِّ الطبخ اليهودي المزعوم في نظيره الجزائري المُسلِم وليس العكس، ولا أحدَ أوْضَحَ مَا هِي هذه المؤثرات وفي أيِّ الأطباق والأطعمة تحديدًا، ويَعُودُ السَّببُ لِكوْنِها غيْر موجودة أصلا”.

واستطرد سعد الله قائلا: “وتَجري العملية ذاتها في بلدان عربية أخرى، وتَجد هناك أيضا هوًى في بعض النُّفوس لِتصفية حساباتٍ سياسية إيديولوجية محلّية، كَمَا تُردَّد مِثْل هذه الادعاءات مِن طرف البعض الآخر بسذاجة وعن حُسنِ نِية”.

وأشار المتحدث إلى أنّ “ما قلناه عن انتماء تقاليد اللباس والأزياء اليهودية، وعن الثقافة اليهودية بِرُمَّتها، إلى الثقافة الكبرى الحاضِنة لها يَنطبق أيضا بحذافيره على التقاليد الغذائية، لأن اليهود أَكَلُوا وشَربُوا مَا وَجدوه يُؤكَل ويُشرَب في المجتمعات التي عاشوا فيها، فضلاً عن خلوِّ الديانة اليهودية من تعاليم تُحَدِّد طبيعةَ الأغذية والمشروبات باستثناء الأُطُر العامة للحلال والحَرام”.

وعندما جاءت الصهيونية في القرن20م لِتَصْنَعَ “أطعمة يهودية” وَهْمِيَة بادِّعاء نَسَبِها لليهود واليهودية على هواها، فيما هي لا تعْدُو كوْنها أطعمة وأغذية تنتمي للمجتمعات الحاضِنة تاريخيًا لِلمَوْسَوِيِّين، بالتالي، أصبحتْ الضُّولْمَة والكِبَاب بنوعيْه التّركي والبُخارِي، الذي يَشتَهر يهودُ بُخارى بتناوله أيام السّبت، والفَلافِل الشَّامية والزَّلابية العراقية المعروفة محليًا كَمَا في إيران بالبَامِيَة، والتي يَفطر بها يهود العراق “بعد صيام يوم الغفران”، والقطائف الشائعة كالزَّلابية في مختلف بقاع البلدان الإسلامية والكوارع وقائمة طويلة من المأكولات والحلويات والمشروبات أصبحتْ جميعُها بين ليلة وضُحاها “أطعمة يهودية” نابِعة من ثقافة يهودية مزعومة وَضَعَتْ أُسُسَها المصنّفاتُ اليهودية/الصهيونية الحديثة والكِتابات المُتَصَهْيِنَة الدائرة في فلكِها، بما فيها كِتابات المُتصهْيِنين في البلاد العربية. بحسب مقال سعد الله.

وأوضح سعد الله، بخصوص يهود الجزائر، أنّ الذين تَفَرْنَسُوا بالانخراط في الثقافة الفرنسية بعد احتلال الجزائر عام 1830م والاندماج في هذه الثقافة ثم رحلوا إلى فرنسا مع المحتلين عام 1962م باستقلال البلاد، أصبحتْ عاداتُهم الغِذائية تدريجيًا فرنسية، إلا الذين تَشَبَّثُوا بتقاليد الطبخ الجزائري إلى اليوم، حيث تَحوَّلوا إلى أكْل “الدّيك بالنَّبِيذ” (Coq au vin) و”البقر البُورْغُونِي” (Boeuf bourguignonne) ولَحم العجل بالمَرق الأبيض (Blanquette de veau) بدلاً من “الشُّرْبة فْرِيكْ” أو “الطَّاجِينْ الحْلُو” و”الشّْطِيطْحَة” و”التّْشَّخْتْشُوخَة” و”الرَّشْتَة”…إلخ. ولا يوجد على مائدة اليهودي الفرنسي ما هو جدير بأن يُسمَّى يهوديًا بل هو أكْل فرنسي خاضِع لِتأطير الشريعة اليهودية مِن حيث الحَلال والحرام، أو “الكَاشِيرْ”، بما فيها الطُّقوس المُتعلِّقة بطريقة ذبْح الشاة أو الدواجن.

وحول يهود الجزائر في العهد العثماني قال إنّهم لم يختلِفوا عن مُسلِمي البلاد في المأكل والمشرب، فكانت كل طائفة تَعتمِد التقاليدَ الغذائية السائدة في منطقةِ إقامتها.

وذكر: “يهود الصحراء كانت عاداتُهم الغذائية صحراويةً في غالبيتها ويهود الأرياف الشمالية كان طبخُهم ريفيًا واليهود الحَضَر، وهم الغالبية، فكانت موائدُهم نفسَ موائد العائلات التلمسانية في تلمسان والقسنطينية في قسنطينة والعَنَّابِية في عَنَّابَة والجزائرية في مدينة الجزائر…إلخ. وهكذا، عَرَفتْ مطابخُ اليهود في الجزائر العُصْبَانْ والبَكْبُوكَة والكُسْكُس والشُّرْبَة بمختلف أنواعها، المطبُوخة على الطريقة التّركية وتلك المُسْتَنْسَخَة من العادات الأندلسية/المغاربية، والـ: بُوزَلُّوف الشَّبيه إلى حدٍّ ما بما يُعرَف بـ: الكَوَارِع في المشرق. وغيرها.

ولم يَختلِفْ طبْخُ اليهود في الجزائر العثمانية عن نظيره لدى المسلمين حسب الشهادات الوارِدة في العديد من المؤلّفات باستثناء بعض الإضافات التَّفصيلية الصغيرة في عددٍ مِن الأطْعمة أو الاستغناء عن بعضِ عناصر الطبخة، مثلما قد تَحْدُثُ المُزاوِجَةُ بين طعام جزائري وآخر جاء به اليهود اللاّجئين من مُستقرَّاتِهم وأوطانِهم السابقة كَشِبْهِ الجزيرة الإيبيرية وفرنسا وإيطاليا والبلْقان…إلخ”.

ويشار أنّ الطبعة الجديدة لكتاب “يهود الجزائر هؤلاء المجهولون” لفوزي سعد الله، لم تصدر بعد.

حسام الدين وائل

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا