الضباع الممسوخة؟

0
631
الضباع

تحمل الضباع كل الصفات الذميمة، لتعيش في معزل عن الانسان، لكنها تترصده ليلا في المقابر المعزولة حين يشيع الموتى إلى نهاياتهم الأبدية، تخرج من جحورها المغمورة بعيدا عن الأعين لتقتات على الجثث المدفونة في الأرض وتنتقي منها ما يكفيها لطعام أسبوع، فهي تمتلك القدرة على الصبر والتعايش مع القحط الغذائي لأيام معدودات.

وتبقى الضباع من الحيوانات الأكثر قزازة ومكرا وخبثا ونتانة، ليس لأنها تأكل الجيفة فقط بل لأنها تغدر بأقرب المخلوقات إلى كبدها حين يتطلب الأمر ذلك بدواعي التضحية، فهي تتخلى عن الأمومة، وتنسى العشرة، وتضرب أخماسها بأسداسها كي تبقى وفية لصفاتها الذميمة ولطباعها الماكرة.

لا عجب أننا نعيش عصر الضباع الممسوخة بامتياز، ضباع في جلود بشر تأكل من أسواقنا تتوسد أفرشتنا، تشرب ماء منابعنا، لا يهمها إن زلزلت القيم أو فجرت الأخلاق أو سجرت المبادئ، فكل ذلك بالنسبة إليهم سواء، يستمدون من الحرباء تلونها، ومن التماسيح دموعها، ومن العقارب خجلها، ومن الذئاب خبثها، ومن الأفاعي صمتها السام.

الضباع الممسوخة ركبت أمواج الحزب الواحد وحين سحب منهم البساط الأحمر، تحولوا بقدرة قادر إلى أشباه معارضة وضلوا يقتاتون من فضل مواقفهم السياسية في رحلة الصيف، وحين يعود الشتاء ينخرطون في رقصة الديك المذبوح، ليجمعوا حولهم تأييد البطانة النائمة، وصكوك الولاء وتمائم العرش الكبير بدواعي قبلية ضيقة مقيتة.

عادت الضباع الممسوخة مع الموكب الجديد وحين استوت سفينتهم على الجودي، حولوا الحظيرة إلى أشبه بالزريبة المهملة يتوارون من داخلها عن الأعين، حتى لا تكشفهم شمس الحقيقة وهم يعيثون في الأرض فسادا بإسم الحداثة والتجديد.

دراجي السبيطي

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا