الشراكة الأورومتوسطية: دواعي المراجعة

0
552
الشراكة الأورومتوسطية: دواعي المراجعة

في 2002 وقعت الجزائر على اتفاق الشراكة ودخل حيز التنفيذ في 2005، إن الهدف في الاتفاق هو ربط دول الضفتين الشمالية والجنوبية من المتوسط من خلال التأسيس لمجموعة من الشراكات: السياسية (الأمن والسلم في المتوسط)، الثقافية (التقريب بين شعوب الضفتين) والاقتصادية (بناء منطقة رخاء مشترك).

الأساس أو الركيزة التنظيمية لهذا الاتفاق هو الشراكة وهو مفهوم قانوني يستهدف إرساء مبدأ المساواة بين الدول في مجال السيادة ونتيجة لذلك قامت الشراكة الأورمتوسطية على أسس المسؤولية المشتركة والمعاملة بالمثل والامتيازات المتبادلة بين دول غير منسجمة سياسيا، اقتصاديا …الخ وتميزها فوارق تنموية كبيرة المآخذ التي يمكن إبداؤها حول البعد الاقتصادي للشركة هو تخليها عن مبادئ القانون الدولي الاقتصادي لصالح مبادئ القانون الدولي العام، وهي مقاربة لا تخدم مصالح دول جنوب المتوسط خاصة الجزائر. لماذا؟ إذا كان القانون الدولي الكلاسيكي يؤسس لمساواة سيادية وما يترتب عنها من معاملة بالمثل …الخ. فإن القانون الدولي الاقتصادي يرفض هذه المقاربة المؤسسة على خيال قانوني (مساواة الدول) لصالح مقاربة أخرى تستهدف الأخذ بعين الاعتبار للفوارق التنموية ومظاهر القوة التي تتمتع بها بغض الدول دون أخرى، ممهدا الطريق بذلك نحو اعتماد المساواة الفعلية كبديل للمساواة الشكلية التي يتبناها القانون الدولي الكلاسيكي.

المقصود بالمساواة الفعلية هو التمييز الايجابي بين الدول بحسب موقعها الاقتصادي من خلال تبني مفهوم العدالة التوزيعية في مجال المبادلات التجارية والانفتاح الاقتصادي التي من شأنها تصحيح الأوضاع وتمكين الدول الضعيفة من الاستفادة من قدرات اقتصادية عبر مبدآ عدم المعاملة بالمثل، أي منح امتيازات (تجارية، جمركية) لصالح الدول الضعيفة دون مقابل تستفيد منه الدول المتطورة.

ولعل من أسباب فشل الشراكة الأورومتوسطية هو عدم اخذ عنصر الفوارق التنموية كأساس لتوزيع الأعباء الضرورية لإقامة منطقة بتبادل حر الممهدة لمنطقة الرخاء المشترك، فلقد شكل هذا الاتفاق قطيعة تامة مع الاتفاقات السابقة خاصة تلك المبرمة في 1976 وأسس لمبدأ المسؤولية المشتركة التي تحمل دول ذات إمكانيات اقتصادية، تجارية، مالية متمايزة نفس الأعباء الضرورية لإقامة منطقة التبادل الحر.

لقد حاول بعض الأخصائيين تبرير هذا الوضع على أساس أن منطقة التبادل الحر المتوسطية هي مختبر للعولمة، أي قياس مدى نجاح العولمة عبر تجمع جهوي يضم دول متطورة وأخرى أقل تطورا في ظل غياب أي شكل من أشكال المساعدة. ولهذا يعتبر الدعم المالي الذي يقدمه الاتحاد الأوروبي في إطار برنامج مبدأ 1 ومبدأ 2 ليس من قبيل المساعدة الموجهة للتنمية بل لتمويل برنامج إعادة الهيكلة التي تقتضيها منطقة التبادل الحر. هذه المقاربة لم يكتب لها النجاح وبقيت الشراكة حبيسة مسلمات نظرية في تحدي مباشر للوقائع ولذلك دخلت الجزائر، بعد 16 سنة، مرحلة مراجعة الاتفاق لإضفاء التوازن والتبعية التبادلية للمصالح، لابد هنا من التذكير بالموقف الأوروبي الذي عبر عنه ممثليها في الجزائر حيث ألّح عن إمكانية تعديل الاتفاق وتساؤل في ذات الوقت عن طبيعته: هل هو جزئي أم شامل؟ أمّا فيما يخص الخلل في ميزان المبادلات (في صالح الطرف الأوروبي) فيرى أن المشكل يكمن في طبيعة الاقتصاد الجزائري.

بقلم الدكتور: كمال موهوبي أستاذ محاضر بكلية الحقوق جامعة الجزائر -1

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا