عالجت، نهاية الأسبوع، محكمة الجنايات الابتدائية بمجلس قضاء وهران، ملف أبشع جريمة قتل عرفتها قرية سيدي حمادي بوهران، أبطالها بحسب جريدة “الشروق”، زوجة خائنة وعشيقَيْها، أقدموا بدم بارد وبعد تسميم الضحية، وهو عسكري سابق، بخنقه بواسطة كيس بلاستيكي، حتى يخلو لهم طريق الفجور بمسكنه في العلن، قبل أن يمارسوا عليه الجنس، ثم ينكلوا بجثته ضربا وركلا، ويكسروا قفصه الصدري وعظام جمجمته وذقنه تكسيرا، ليلقوا به إلى أسفل الجسر بحي الروشي ويغطوه بشجرة، ثم يسرقوا سيارته في جريمة أخرى، ليقتسموا من جهة غنيمتهم منها، ومن جهة ثانية لتكون وسيلتهم في محاولة لتضليل المحققين والعدالة.
قضت هيئة المحكمة بعد المداولة وجلسة استغرقت ساعات، بتسليط حكم الإعدام في حق كافة المتهمين بجناية تكوين جماعة أشرار بغرض ارتكاب جناية القتل العمدي مع سبق الإصرار، وأيضا ارتكاب جناية السرقة بتوافر ظروف العنف والليل والتعدد وإخفاء معالم الجريمة، فيما كانت النيابة العامة قد التمست معاقبتهم بالسجن المؤبد.
تعود وقائع هذه القضية إلى تاريخ 30-03-2019 في بلدية العنصر بولاية وهران، تقول “الشروق” في عدد اليوم السبت، أين اختفى الضحية (ب. م) فجأة عن أعين أطفاله الأربعة وجيرانه بقرية سيدي حمادي، حيث ادعت زوجته المسماة (ب. ح) أنه خرج ليلتها بسيارته لنقل زبون إلى الجزائر العاصمة، كونه يمارس مهنة النقل بدون رخصة منذ تخليه عن العمل، لكن بعد أن انقطعت أخباره لأكثر من ثلاثة أيام، انتاب جيرانه القلق عليه، خاصة أن زوجته أبدت تماطلا مريبا في إبلاغ مصالح الأمن عن أمر اختفائه، بحجة عدم امتلاكها ما يثبت هويته، وأن كل وثائقه حملها معه في سيارته عندما غادر المنزل، وبعدها بمدة، عثرت مصالح الأمن أسفل جسر يقع بحي الروشي على جثة شخص مجهول الهوية مغطى بشجرة، ملفوف في بطانية، وعليه آثار خنق بكيس بلاستيكي أزرق اللون يطوق رقبته، وعلامات ضرب على رأسه، بطنه، ظهره ورجليه، وكذا خضوعه لاعتداء جنسي وحشي، مع تقدير تعرضه للوفاة لأكثر من 48 ساعة، ليتضح أن الجثة تتعلق بزوج المتهمة محل البحث.
وحسب ما دار خلال المحاكمة، فإن الخيط الذي فك لغز هذه الجريمة كان كشوف المكالمات الهاتفية التي أجريت بين المتهمين الثلاثة قبل وبعد وقوعها، ليكلل سماع البنت الكبرى للضحية بتعزيز شكوك جهات التحقيق، ومن ورائها إقناع العدالة بتورط المتهمين، حيث صرحت البنت أن والدتها كانت لها مخالطات مع عدة أشخاص من قبل، وأيضا إقامتها علاقة مشبوهة مع المتهم (ع. أ) على مسمع ومرآى من أطفالها داخل منزلهم العائلي بعد وفاة والدهم.
وفي سردها لما حصل يوم الواقعة، أكدت على أن والدها كان مريضا ليلتها بشدة، لتقدم له أمها قرصا تناوله مع مشروب ساخن، لكن بعد ما ذهبت للنوم إلى جانب إخوتها الصغار، أغلقت والدتهم عليهم باب الغرفة، ثم سمعتها تجري مكالمة، وبعد ما شاهدت من خلف زجاج الباب طيفا لأكثر من شخص، وأتبع ذلك بسماعها صوت محرك السيارة وفتح البوابة الخارجية للمرآب، مشيرة إلى أنها حين استفسرت أمها عن الأمر، أجابتها بأن والدها ذهب إلى الجزائر العاصمة وراحت تغط في النوم، لكن عندما استيقظت صباحا لم تجد أمها في المنزل.
بعد التحقيق مع المتهم (ع. أ)، اعترف هذا الأخير بمعاشرته المتهمة لأكثر من مرة بعد تاريخ الواقعة، مشيرا إلى أنها في إحداها أسرّت له بتفاصيل اختفاء زوجها، حيث كشفت له عن دسها السم في منقوع عشبة اللويزة (المعروفة بتيزانة)، مستغلة إصابته بنزلة برد حادة، ثم نادت على عشيقها السابق المدعو (ب. س) ليكمل مهمة قتله بعد تكميم فمه، لكن هذا الأخير أنكر علاقته بها، مدعيا أنه تعرف على ملامحها فقط أمام الضبطية القضائية.
وبالعودة إلى أدلة الإدانة، فإن فحص كشوف مكالمات المتهمين واستغلال أجهزة هواتفهم وشرائح كل واحد دحض مزاعمهم، حيث وجد قبل مقتل الضحية بـ8 أيام، وفي الليلة التي كان غائبا فيها عن مسكنه للعمل في منطقة مشرية، قيام زوجته بالاتصال به برقم شريحتها الخاصة بعد إدخالها في هاتف المدعو (ب. س)، ليقوم هذا الأخير بعدها مباشرة بتركيب شريحته على نفس الجهاز ويجري بها مكالمة مع شخص آخر، ما يدل على تواجدهما في مكان واحد.
كما قامت في اليوم الموالي بوضع شريحة (ب. س) في هاتف زوجها واستعملتها في مكالمة، ثم أغلقت الهاتف، كما وجدت لها اتصالات متعددة مع ذات المتهم قبيل ارتكاب الجريمة وبعدها، مع تحديد مواقع تتطابق مع نفس المسار الذي نقلت فيه الجثة من دوار سيدي حمادي وحي بن عربة (الروشي)، وأيضا اتصالات دل تحليلها على الأوقات التي اجتمع فيها المتهمان، ثم افتراقهما، بما جاء متطابقا مع الظروف الزمانية التي سبقت الواقعة وتلتها بفترة وجيزة، وكذلك ضبطت بينهما عدة مكالمات بعد جنازة الضحية، كان آخرها بتاريخ 15-04-2019 قبيل الإطاحة بهما واعتراف المتهم الأول بأفعالهما، وكذلك كشفت التحريات أن ثلاثتهم ينشطون ضمن شبكة مختصة في سرقة المركبات، كانت تسند لزوجة القتيل فيها مهمة استدراج الضحايا.