أثر الصراع النفسي وانعكساته على صحة الفرد

0
643

قد يتعرض الفرد لبعض الصدمات النفسية المفاجئة في المجتمع بدون أن يشعر بالألم، حينما ينفجر فرحا أو حينما ينكمش بسبب الحزن الطبيعي، أو الحزن والأسى السودوي، لأن في العادة الفرد يؤثر ويتأثر ويتلقى استجابة لتنعكس على حالته النفسية، فالمرأة اذا أحبت زوجها حبا شديدا، فحينما يموت الزوج تتأثر وفي صمت نفسي وتعيش عزلة وقلق وخوف، وتمر بصدمة نفسية بداخلها قد لا تظهرها للآخرين، ولكن تعيشها وتتأثر في عمقها، وقد تتبعه مباشرة بعد يومين أو فترة قصيرة المدى، لأنها تلقت تأثرا عميقا هز كيانها الوجداني والعاطفي وإنكسر سندها بعد موته.
وقد نجد بعض الناس في قوة بدنية جيدة، وحينما يتابعون مبارة كرة القدم يصدمون من النتيجة السلبية أو ربما تكون نتيجة ايجابية لكن في الواقع بعضهم يتأثر في كلتا الحالتين نفسيا، وقد يتعرض إلى صدمة نفسية مفاجئة وحادة، وقد يكون مريضا من قبل ولم يكشفه ودون أن يشعر بذلك، وقد يتابع ذلك الصدمة القلبية عادة ما تحدث للأشخاص المصابين بنوبة قلبية شديدة حينها يشعر بالضغط أو الامتلاء أو ألم عاصر في منتصف الصدر ويستمر لأكثر من بضع دقائق انتقال المعاناة ونوبات متزايدة من ألم الصدر وضيق النفس والتعرُّق والدوار و الدوخة المفاجئة والغثيان والقيء، وذلك كُلٌّ حسب تجاربه الشخصية، حيث قد يكون مثلا تأثرهً بمَشاهدة لمباراة كرة القدم في تسجيل هدفا حاسما يؤدي إلى نجاح لفريق أو العكس فيترك أثراً صادماً عليه، بينما غالباً ما يُعد ذلك أمراً روتينياً بالنسبة لبعض الآخر وليس له أي تأثير صادِمٍ عليهم، لأنه قد برمج نفسه قبليا بأنها مباراة يتنبأ بالنجاح أو العكس وهو يعتبر نفسه في لعب الدعم الاجتماعي ويتقبل كل النتائج للأحداث التي تُخَلِّف عبئاً نفسياً جسيماً على من يعيشها أيضا وينجو من مشكلة نفسية ومن الاضطراب التـالـي للصـدمـة النفسية أو القلبية، فمباراة كرة القدم خاصة التي عشناها كجزائريين على أعصابنا النفسية تدخل ضمن المواقف التي قد تؤدي إلى الإصابة بصدمة نفسية تلك التي قد تحدث بالصدفة، وحينما نتحدث عن موضوع الصدمة النفسية، فإننا قطعا نتحدث عن علاقتها بصحة وعافية الإنسان وما يعيشه من بعض التوترات وهموم، ومن المواقف الصعبة التي تواجهه في حياته دائماً وربما نتحدث عن بعض الظواهر الناتجة عنها من الاضطرابات المرضية التي تصبح فيما بعد عصيبة، وإن لم تعالج من طرف طبيب نفسي ستصبح مصيبة إكلينيكية.

ولعلّ هذا ما نريد إظهاره من خلال زرع الثقافة التنبيهية في كل ما نقوم به من محاضرات التحسيسية وتوعوية لإعطاء أهمية زائدة للجانب النفسي والعقلي لفهم الصدمة النفسية في ظهور لبعض الأمراض النفسية التي إن لم تعالج تتحول إلى أمراض عضوية، منها أمراض القلب وارتفاع الضغط النفسي الذي يؤدى مباشرة إرتفاع ضغط الدم وربما استدعاء للأمراض مثل إرتفاع نسبة السكر في الدم وأحيانا تؤدي إلى السكتة القلبية خاصة، حينما يعيش الفرد الضغط النفسي الزائد الداخلي ومصاحبا للقلق النفسي في بعض الأحيان وبعض المواقف الصعبة مثل ما عاشته الجزائر في مباريات الكرة القدم الذي توجت بكأس النهائي العربي وما صاحبته من التأثيرات النفسية السلبية للمناصرين، وكما لاحظنا أن بعض الناس أصيبوا بصدمة نفسية مؤدية إلى سكته قلبية وفارقوا الحياة رحمهم الله، لأن البعض منهم عايشوا الحدث على الأعصاب الحارقة، كما ينبغي أن نفسر بأن هناك ثلاث أنواع من الصدمات النفسية المفاجئة وهي:

الأولى الصدمة النفسية المفاجئة الخفيفة المصاحبة للحزن العادي، كأن يفقد الشخص أحد والديه فقد يصدم نفسيا لكن بعد وقت أكثر من ثلاث أيام ستقل حدتها ويصبح ذلك الشخص بنعمة النسيان هادئا ويندمج عاديا في الحياة.

اما الصدمة النفسية المفاجئة المتوسطة، قد تصيب الشخص نتيجة موقف محرج جداً كحادث مرور مميت أو خيانة عاطفية جارحة أو أنه نجا من بعض الكوارث الطبيعية لا يتقبلها العقل ولا تتحمله نفسيته، فيصاب بصدمة نفسية حادة قد تدخله لمرض الاكتئاب الحاد وقد يدخل إلى عالم تعاطي المخدرات كهروب من واقع مرهب ومرعب ولجوء المصدوم والمكتئب إلى ذلك، وتنتج تلك الاستجابة إضطراب في السلوك فيصبح يعيش معاناة أخرى تتطلب التكفّل بها وقد ينجو ويشفى هذا المريض من خلال جلسات الطبيب النفسي.

أما الصدمة النفسية المفاجئة الثالثة والحادة، قد تؤدي به نحو الأمراض القلب كالسكتة القلبية، وهذا ما يحدث عادة في صراع الأشخاص حول الميراث أو في حالات الظلم والطغيان القهري وأحيانا قد تحدث في متابعة الشخص لمقابلة كرة القدم في المنافسات حول الكأس النهائي.

كل هذه الصدمات النفسية تترك أثرا وخيما في الإنسان، وقد يعيش مسترجعا ومتذكرا لذكريات أليمة وبأفكار سيئة تفقده التوازن النفسي العقلي والبدني يلازمه الاكتئاب كخطر حقيقي يهدد الصحة العقلية والاجتماعية للمجتمع وهذا ما يعكسه بالاضطرابات النفسية وما يصاحبها من حالات حادة وسيئة اكتئابية.

لذا فقد أصبح لزاما علينا في عصرنا هذا العسير والمرير، الفهم المعرفي للعيش، لتفادي التعرض لبعض الأمراض النفسية المفاجئة والابتعاد عن كل القلق والتوتر اللذان يؤديان إلى إضعاف جهاز مناعة الجسم والابتعاد عن كل الصراعات الدنيوية الدنيئة التي تستهدف صحتنا النفسية ومنها الجسدية، حتى لا نتعرض إلى الصدمة النفسية بكل أنواعها ونرضى بما قدره لنا ربنا من قدر وأن لا نكون موجوعين وعلى رزق مجروحي الفؤاد، وإنما الرزق على رب للعباد.

البروفيسور أحمد قوراية أكاديمي وخبير في التنمية النفسية

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا