قال وزير خارجية الجمهورية الصحراوية الديمقراطية محمد سيداتي، إنّ المغرب من منح بطاقات دخول مزورة لوفد دولة الاحتلال الإسرائيلي للدخول إلى قاعة نيلسون مانديلا التي احتضنت المؤتمر السادس والثلاثين للاتحاد الإفريقي بأديس أبابا.
في حوار خص به إذاعة الجزائر الدولية، أوضح سيداتي أنّ ما حدث في أديس أبابا، لم يكن ليحدث لولا “تآمر المغرب ضد إفريقيا لإقحامها في متاهات”، “وفرض عليها ما لا تريد”، لهذا أصبح المغرب – بحسبه -، يشكّل خطرًا على الدول الإفريقية، مؤكدًا أنّ المغرب “ترشّح لمقعد النائب الأول لرئيس الاتحاد الإفريقي بهدف سدّ الطريق على الجزائر، والتشويش على أحقيتها في نيل هذا المنصب”.
الدول الإفريقية تكنّ احترامًا كبيرًا للجمهورية الصحراوية
أبرز ضيف الدولية، “الحضور الساطع” لبلاده عبر إسهاماتها في المؤتمر السادس والثلاثين للاتحاد الافريقي، الذي احتضنته أديس بابا مؤخرًا.
وأورد: “كانت هناك لقاءات مكثفة، وبدا جليًا الاحترام والتقدير الذي تكنّه الدول الإفريقية للجمهورية الصحراوية، التي أصبحت عامل استقرار في شمال إفريقيا وتشكّل قيمة مضافة داخل الاتحاد الإفريقي، وهذا دليل على تجذرها في إفريقيا وانتمائها إلى الأسرة الإفريقية”.
“المغرب أصبح يشكّل خطرًا على إفريقيا”
بشـأن أسباب ترشح الجمهورية الصحراوية لتبوء مقعد النائب الأول لرئيس الاتحاد الإفريقي، أرجع سيداتي ذلك، إلى عدة اعتبارات بينها أنّ الجمهورية الصحراوية وباعتبارها عضوًا في الاتحاد الإفريقي منذ تأسيسه، لها الحق في الترشح وتبوأ المناصب فيه، من منطلق كفاحها واقتناعها بتقديم مساهمات جد بناءة لتمتين الاتحاد الإفريقي، “لذا لنا القناعة والحق في تبوأ أي مقعد في الهيئة الإفريقية”.
في هذا الشأن، قال سيداتي إنّ المغرب أصبح يشكّل خطرًا على الاتحاد الإفريقي، لأنه يحتل دولة جارة مؤسّسة للاتحاد الإفريقي، “وعليه فنحن لا يمكن لنا بأية صورة أن نقبل بدولة تمارس العنف والاحتلال ولها تصرفات متناقضة ومتباينة مع مطلب إفريقيا في الحرية والاستقلال، أن تتبوأ مقعد نائب رئيس الاتحاد الإفريقي، ومن هذا الباب ترشحنا لنسدّ الباب تمامًا ونهائيًا أمام محاولات المغرب الرامية لاستدراج الاتحاد الإفريقي، وهذا يشكّل تهديدًا على استقرار المنطقة وانسجام الدول الإفريقية”.
وتابع سيداتي: “المغرب غير صادق النوايا، والمبرر الوحيد لترشحه هو سدّ الطريق أمام الجزائر وهذا أمر غير مقبول، لأنّ الجزائر يحق لها أن تتبوأ هذا المنصب، لكن المغرب في محاولاته اليائسة، يحاول الاعتراض على ذلك وزرع البلبلة والانقسام، وهذا من باب التشويش على ترشح الجزائر وأحقيتها في نيل هذا المنصب”.
ولفت سيداتي إلى أنّ ترشح الجزائر لمنصب النائب الأول لرئيس الاتحاد الإفريقي جاء استجابة لطلبات عدة دول افريقية، مضيفًا: “ترشح الجزائر هو من مصلحة كل الدول الإفريقية التي ترى في الجزائر بأنها مؤهلة تمامًا لتبوأ هذا المقعد، ولأنها دولة تستميت في الدفاع عن إفريقيا وحريتها وتنميتها والتعامل بالند”.
“وجود المغرب داخل الاتحاد الإفريقي ليس في مصلحة إفريقيا”
أكد قائد الدبلوماسية الصحراوية، أنّ المغرب “عاد للاتحاد الإفريقي بهدف وضع حدّ للعزلة الخانقة التي عانى منها، وللحدّ من الضغط الإفريقي الذي كان مُمارسًا عليه بسبب غيابه الطويل، ويهدف أيضًا إلى التصدي للجمهورية الصحراوية ووجودها كعضو مؤسس للاتحاد الإفريقي”.
وأردف: “إستراتيجية المغرب تقوم على زرع التوتر وعدم الاستقرار داخل العائلة الإفريقية وأيضا تقويض وجود الجمهورية الصحراوية، وخدمة أجندات خارجية باستدراج وإقحام قوى أجنبية ضد كل دول الجوار، وزرع المزيد من عدم الاستقرار ومحاولة تمرير سياسة احتلال غير مقبولة”، لذلك يضيف سيداتي: “حذّرنا ونحذّر من أنّ وجود المغرب في الاتحاد الإفريقي ليس من مصلحة الاتحاد، إنما له مصلحة مبيّتة”.
“المغرب هو من منح شارات دخول مزوّرة لوفد الكيان”
عاد سيداتي ليؤكد تورط المغرب في فضيحة منح شارات مزوّرة لوفد الكيان، ما مكّن الأخير من الدخول إلى قاعة المؤتمر الأخير للاتحاد الإفريقي، وشرح: “هذه الحادثة ما كان لها أن تكون، لولا تآمر المغرب الذي كان وراءها، ومحاولته إقحام إفريقيا، وفرض عليها ما لا تريد”، مضيفًا: “المغرب كان يحاول الالتفاف على قرارات الاتحاد الإفريقي وتجاهلها وإقحامه في متاهات، خصوصًا وأنّ الموقف الإفريقي أصبح واضحًا ويجب احترامه”.
وبشأن وضعية الكيان في الهيئة القارية، أكد سيداتي أنّ “وضعية دولة الاحتلال الإسرائيلي كمراقب تمّ حسمه بتعليق عضويتها، وإنشاء لجنة مكوّنة من رؤساء دول معروفين، بمعنى أنّ هذا الكيان ليس له مكان في الاتحاد الإفريقي”.
“ضرورة معاقبة المغرب إذا أثبتت التحريات تورطه”
يشير سيداتي، إلى أنّه على الاتحاد الإفريقي اتخاذ إجراءات في حق المغرب إذا أثبتت التحقيقات تورطه، لمنع تكرار هذه التجاوزات، وأوضح: “إذا أثبتت التحريات تورط المغرب، نعتقد أنّ الاتحاد الإفريقي عليه اتخاذ تدابير وإجراءات لمنع تكرار مثل هذه الفضيحة”.
وأكد سيداتي، أنّ الاتحاد الإفريقي التزم بالبحث والتحري لمعرفة الجهة التي تورطت في هذه القضية.
“فضيحة ماروك غايت كشفت حقيقة المغرب أمام العالم”
بشأن فضيحة الفساد التي تفجّرت في سبتمبر 2022 داخل البرلمان الأوروبي، والمعروفة باسم “ماروك غايت”، التي كان المغرب المتهم فيها، قال المسؤول الصحراوي: “إنّ ما حدث في البرلمان الأوروبي كان في منتهى الأهمية خاصة بالنسبة للقضية الصحراوية، سيما وأنّ الشعب الصحراوي على مر السنين دفع ضريبة كبيرة جرّاء عمل اللوبي المغربي الذي حاول منع المؤسسات الأوروبية من اتخاذ مواقف جريئة بشأن قضية الصحراء الغربية”.
وأضاف: “هذه الفضيحة أظهرت للعالم وللأوروبيين خاصة، أنّ المغرب حاول أكثر من مرة، حجب قضية الشعب الصحراوي باستعمال الإغراءات وكل الوسائل التي يملكها، والتصدي لأي موقف أوروبي يشجب سياسة الاحتلال والقمع والضمّ بالقوة للصحراء الغربية”، وأيضًا “حتى لا يكون هناك حديث عن وضعية حقوق الإنسان المزرية في المملكة المغربية”.
واستطرد سيداتي: “ماروك غايت أظهرت المغرب على حقيقته كدولة محتلة تلجأ إلى وسائل الإغراء والفساد والترغيب في أوروبا، والترهيب في الصحراء الغربية، وهذا ستكون له تبعات وله مضاعفات جد مهمة على الصورة التي كان يسوّقها المغرب، وعلى محاولة التستر على مثل هذه الفضائح، وما جرى سيزيد في عزلة المغرب وإسقاط الأقنعة”.
“نتمنى على القضاء الفرنسي التعاون مع نظيره البلجيكي لتسليم المتهمين المغاربة”
ثمّن سيداتي موقف القضاء البلجيكي بعد دعوته نظيره الفرنسي لتوقيف وتسليم الشخصيات المغربية المتورطة في فضيحة الفساد، وعلى رأسهم رئيس المخابرات الخارجية المغربية محمد ياسين المنصوري.
وقال وزير الخارجية الصحراوي: “القضاء الأوروبي فرض وجوده في هذه القضية رغم أنّ المغرب حاول التغلغل داخل المؤسسات الأوروبية، وهذا أصبح يمسّ مهمة تلك المؤسسات خصوصًا البرلمان الأوروبي ومنظمات حقوق الإنسان، وسمعتها أصبحت على المحك”.
ويتصور سيداتي أنّ “موقف القضاء البلجيكي كان إيجابيًا، وكان هناك تجاوبًا من القضاء في عدة دول أوروبية مثل إيطاليا، ونتمنى أن يكون الأمر نفسه من القضاء الفرنسي وغيره في الدول الأوروبية للتعاون مع القضاء البلجيكي”، مضيفًا: “متيقن من أنّ القضاء الأوروبي سيحذو حذو القضاء البلجيكي الذي أظهر حزمًا وشجاعة في معالجة قضايا الفساد التي يتورط فيها المغرب حتى النخاع”.
“الجزائر ضحّت ولا تزال من أجل إفريقيا”
بشأن الجهود التي تبذلها الجزائر لتقوية الاتحاد الإفريقي وتنمية القارة، خصوصًا بعد قرار رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون تخصيص مليار دولار لإطلاق مشاريع تنموية في عدة دول افريقية، قال سيداتي إنّ “الجزائر بثقلها كانت دائمًا تدافع عن المصالح الإفريقية، من منطلق مبادئ ثورة نوفمبر المجيدة تأكيدًا لعمقها الإفريقي”.
واعتبر سيداتي أنّ دعوة الجزائر لمنح إفريقيا عضوية دائمة في مجلس الأمن “رسالة على أنّ الجزائر ستبقى وتظل تدافع عن مصالح إفريقيا وشعوبها وتطلعاتها إلى الحرية والانعتاق”.
ويأتي ذلك بحسبه، “انسجامًا مع قناعاتها ومواقفها الشجاعة، بعدما ضحّت ولا تزال تضحي من أجل إفريقيا، والدليل تخصيصها مليار دولار من أجل دعم التنمية فيها والتضامن مع الدول الفقيرة”، منتهيًا: “بإعلانها عن المبادرة التي ثمّنتها الدول الإفريقية عاليًا فرادى وجماعات داخل الاتحاد الإفريقي، أكدت الجزائر بالملموس أنّها دائمًا مع وإلى جانب إفريقيا، وهذا ليس بالغريب عنها”.