المحلل السياسي التونسي سفيان شرف الدين لـ "نيوز الجزائر":

لهذه الأسباب.. ستسقط حكومة بودن قريبا

0
496
بودن

تعيش تونس على وقع التوجسات من مستقبل لا يعلمه شعبها وترقبات محيطها والقوى الدولية، أمام سياسة التعتيم التي يمارسها الرئيس “قيس سعيد” منذ 25 جويلية الماضي إلى اليوم، بعدما أبعد السياسيين من محيط الحكم وأحكم قبضته على كل دواليب الحكم، مقابل حكومة تحاول إعادة القطار إلى السكة، في وقت بدأ الحزام الداعم للرئيس في التراجع، لاسيما وأن الجميع انتظر أن يقوم بضربة خاطفة تطيح بحكم الإخوان، إلا أنه فضل اتباع منهج لا يعلمه غيره، وهو ما فتح الباب أمام كل الاحتمالات، ولمحاولة التكهن بما ستعرفه تونس في المستقبل القريب، تواصل موقع “نيوز الجزائر” مع المحلل التونسي “سفيان شرف الدين” الذي قدم قراءته للوضع السائد.

ماذا تغير بتونس منذ 25 جويلية إلى اليوم، داخليا وخارجيا؟

هناك تغير نسب لقصر الوقت، أربعة أشهر غير كافية، لكن الملاحظ أن هناك راحة نفسية للشعب التونسي، بعد فترة طويلة عانى فيها من الفوضى السياسية والعبث بالبرلمان. أما اقتصاديا، فالرئيس لا يملك عصا سحرية لتحقيق نهضة اقتصادية سريعة. لكن المقلق هو غياب خارطة طريق واضحة من طرف الرئيس، ما يجعل الشعب والأطياف السياسية وحتى الدول ترفض السير بتونس نحو المجهول.

بعد إجراءات الرئيس الاستثنائية وتشكيل الحكومة، هل هناك إصلاحات للوضع؟

الرئيس يتكلم فقط عن الإصلاحات ومكافحة الفساد، رغم البطاقة البيضاء التي منحها له الشعب، لكن تأخره جعل مؤيديه يتراجعون عن دعمه. مشكل تونس أنها كانت تابعة لأنظمة خارجية، وهو كرئيس يسعى لفك ذلك الارتباط، هناك من يرى أنها تابعة لقطر وتركيا، هناك من يرى الإمارات والسعودية، وهناك من يرى حتى إيران. لابد لتونس من أن تتخلص من هذه التبعية حتى تستعيد عافيتها وتنطلق في التنمية.

اعتبرت تنظيمات ناشطة حقوقية وسياسية قرارات الرئيس منافية للحريات وديكتاتورية، هل هذا صحيح؟

المشكل الحقيقي ليس في كبح الحريات والديكتاتورية، المشكل هو عدم وضوح الرؤية أصلا. فالجميع كان ينتظر أن يأخذ الرئيس طريقا من الطريقين لا ثالث لهما، أولهما طريقة السيسي بمصر، وهي حل حركة النهضة والزج بقيادتها في السجون وملاحقة المنتمين لها. أما الطريق الثاني، فهو حل البرلمان والتوجه إلى اجراء انتخابات مبكرة. غير أن الرئيس “قيس” لم يتبع أيا منهما، وهو ما يجعل فرضية تمديده للاجراءات لكسب الوقت واردة، لكن الشعب لن يصبر على تمديدها.

كيف تفسر انقلاب بعض القوى السياسية والنقابية على مواقف الرئيس بعدما كانت مؤيدة له؟

كان الشعب ينتظر محاسبة السياسيين الذين أضحوا في 10 سنوات أصحاب رؤوس مال ويتميزون بالثراء الفاحش، هناك من كان في السجن ولم يكن غنيا، خرج من السجن وفي ظرف 8 سنوات تمكن من التحول إلى رجل أعمال مهم، هذا النوع من الأشخاص، يستحقون دخول السجن ومعاقبتهم لأن الأدلة ضدهم متوفرة ودامغة، لكن يبقى السؤال يطرح نفسه: لماذا لم يتابَعون قضائيا؟.

ما الهدف من دعوات بعض الأطراف لوقفة 17 ديسمبر؟ هل من شأنها تقديم حل أو دفع بايجاد سبل لتونس؟

لا أظن أنه سيكون لها صدى، لأن الوقفة يومها ستشهد وقفتين، واحدة معارضة للرئيس والأخرى داعمة له. وكل منهما سيرفع شعارات ويردد عبارات تخدم نظرته.

هناك من يرى بطء تسريع وتيرة الإصلاحات التي يقودها الرئيس بمثابة طوق نجاة لحركة النهضة، وفرصة لإعادة ترتيب بيتها والعودة بأكثر قوة، هل هذا صحيح؟

في حال واصل الرئيس بنفس الوتيرة ونفس المنهجية، خلال الستة أشهر القادمة، ستنهار الحكومة وستعم الفوضى في البلاد. منذ شهر بدأ مؤيدوه في التراجع، عليه اتخاذ الأمور بجدية وحزم، هناك 70% من التونسيين يؤيدونه، لكن تراخيه سيجعلهم يتراجعون. في سياق موازي، هناك ضغط أمريكي وأوروبي على الرئيس وتونس في مفترق الطرق، عليه أن يتحمل مسؤوليته سواء بقرارات لا تتماشى مع الحريات أو التراجع والذهاب إلى انتخابات مبكرة. شخصيا أنا مستغربا من حالة الصمت التي تعيشها حركة النهضة خلال هذه الفترة، وهي الحالة التي يجب التخوف منها واتخاذ الحيطة والحذر، لأنها لم تنتقل إلى السرعة القصوى بعد، وتحركاتها غير مطمئنة في العادة، والعنف أسلوبها.

ما تفسيركم لموقف الاتحاد العام التونسي للشغل مما يجري؟

الاتحاد العام التونسي للشغل لازال مؤيدا للرئيس وداعما له، رغم الانتقادات المتكررة التي يوجهها له. لو يخسر الرئيس الاتحاد العام التونسي للشغل، ستسقط الحكومة، لسبب بسيط، هو أن الاتحاد العام التونسي للشغل أقوى تأثير من حركة النهضة.

البعض يتحدث عن عزلة دولية غير معلنة لتونس، هل هذا صحيح؟

هناك دعم جلي من مصر، كذلك سعودي، إماراتي لكنه يبقى محدودا جدا، وشرطهم واضح، يجب حل النهضة وعزلها من الحكم. هناك رفض ضمني من أوروبا اتجاه النهضة. كما تدعم الجزائر الرئيس “قيس” ضمنيا والى مسارها الكثير من الدول لعدم وضوح قرارات الرئيس.

ما هي الطريقة المثلى لخروج تونس من أزمتها حسب رأيك؟

شخصيا يبدو لي أن الرئيس “قيس سعيد” سيتعمد انتظار فصل محكمة المحاسبات في الملفات التي بدأت في معالجتها، بخصوص قائمات الانتخابات البرلمانية، التي يقال إنها تلقت تمويلا من الخارج، وهو الملف الذي توجد فيه عديد الخاصة بقائمات حركة النهضة. حيث أنه في حال تم ثبوت استلام حركة النهضة لتمويل حملتها الانتخابية، ستسقط هذه القائمات، وتلغى نيابة كل الفائزين منها. ليتجه الرئيس إلى حل البرلمان وبالتالي إلغاء حركة النهضة من مقاليد الحكم نهائيا.
وبهذا يكون قد قضى على حركة النهضة بطريقة قانونية، واستعاد دهاليز الحكم من حركة النهضة المنبوذة من طرف الشعب.

حاورته: ميمي قلان

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا