كارل ماركس في ذكرى وفاته

0
46

الاهتمام اللَافت بذكرى وفاة كارل ماركس 14 مارس 1883من طرف المتفلسفة الجزائريين هذه السنة فيه الكثير من المؤشرات الايجابية التي تحسب لصالح مستوى رقي الدرس الفلسفي وللفكر النقدي المرافق له والذي يشكل عصبه الأساس. لا يجب ان يفهم من هذا التنويه بهذا الاهتمام بالضرورة انتصارا لفكر ماركس أو محاباة لفلسفته بالقدر الذي يشير الى مسألة بالغة الأهمية وهي استمرار انفتاح الدرس الفلسفي لدينا على كبريات المرجعيات الفكرية، التي أثرت في فكر أغلب الفلاسفة المعاصرين وهو انفتاح يؤثث بشكل كبير للفكر النقدي الذي هو وسيلة الفلسفة الأولى في اهتمامها بقضايا الانسان. فالفيلسوف حتى تتسع الرؤية لديه ويتكون له رأي ايجابي في القضايا التي تحوز على اهتمامه يحتاج الى انفتاح على جل الآراء والفلسفات من دون أي تصنيف أيديولوجي أو اقصاء.
يقرأ عموم الجزائرين الكتب قراءتهم للقرآن الكريم فلا يجب بالنسبة إليهم ان يمسها الباطل من أية جهة كانت وألا لن تكون بذات قيمة ومنفعة، بينما تكون القراءة الصائبة حين ندرك ان هذه الأعمال هي تعبير عن أفكار أصحابها من البشر، فمنها السليم الذي يمكن الاستفادة منه ومنها ــ وهو الغالب ــ ما يحتاج الى تصويب وتصحيح ولو ان العلم توقف عند الكتب الأولى وما قاله الأوائل لبقينا شعوبا متوحشة وما خطونا خطوة الى الأمام. وأعمال ماركس لا تشذ عن هذه القاعدة فمن أفكاه ما استخدمته الإنسانية منارات لها في مسيرتها نحو التقدم وتغيير العالم ” لا يكفي ان نفهم العالم بل الأهم ان نعمل على تغييره ” تغييرا يخدم صالح الانسان ومنها الأفكار التي تراجعت عند التطبيق ومنها ما صنع المآسي والكوارث.
لم تكن أفكار ماركس حول دور الاقتصاد في صناعة الوعي بالافكار البسيطة “إن الإنسان يجب أولا أن يأكل ويشرب ويجد المأوى والملبس قبل أن يصبح في استطاعته الاهتمام بالسياسة والعلم والفن والدين الخ” … ولا نظريته حول فائض القيمة وما قدمته للدراسات الاقتصادية بالفكرة الهينة.
كان ماركس في أفكاره انسانيا الى حدود بعيدة، حاول باستخدامه للنظريات العلمية “كان مناصرا للعلم بشكل متطرف” المتاحة في عصره تقديم الحلول التي اعتقد أنها ستحل مشاكل الانسان الى الأبد. كان مثاليا في هذا بالتأكيد ولكنه لم يكن يحمل الحقد والكراهية سوى للظلم الاجتماعي والاستغلال الذي يمارسه رأس المال على الفقراء والطبقات الكادحة من العمال والكادحين. لا تزال أفكار ماركس حاضرة في أغلب الفلسفات المعاصرة وكثير من الفلسفات التي وقفت ضدها وحتى السياسات التي حاربتها استفادت من تلك الأفكار سواء ما جاء فيها من ايجابيات أو من أخطاء.

بقلم: الدكتور عمر بوساحة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا