زاوية أولاد سيدي أحمد بمقرة ..منارة العلم

0
1159

منذ أكثر من سبعين عاما قامت القوات الفرنسية والكثير من الخونة بتقويض زاوية أولاد سيدي أحمد بن بلقاسم الحسني التي كان مقرها شمالي مقرة ولاية المسيلة.

وتخرج منها عبر تاريخها العريق مئات حملة كتاب الله الذين توزعوا عبر مختلف ربوع الوطن مساهمين في الحفاظ على الهوية الحضارية للشعب الجزائري، والعشرات منهم التحقوا بثورة التحرير المجيدة مجاهدين في سبيل الله و الوطن.

وبقيت ذكرى الزاوية متوارية في ذاكرة النسيان تترقب من يزيح عنها غبار الزمن ويعيد لها أمجادها لتؤدي رسالتها النبيلة في ظل الرهانات والتحديات الجدية التي تمر بها الجزائر من أجل تعزيز أركان سيادتها وتقوية  قدرتها على البقاء الكريم الطموح إلى المساهمة في إثراء الحضارة الإنسانية بقيم دينه الحنيف.

وقد قيٌض الله للزاوية أحد الأحفاد الذي وفقه الله لفكرة إعادة بعث الزاوية التي أسسها الآباء والأجداد، والتفت حوله مجموعة من ذوي الهمم العالية والقلوب العامرة بالخير والنفوس التي لا تهاب الصعاب وتحولت الجداول إلى نهر من العمل الجماعي يقوده باقتدار الشيخ عز الدين حمديني حفظه الله وأثمرت الجهود المبذولة في تأسيس الزاوية الذي عرف الكثير من العوائق الإدارية منها موافقة زاوية معتدة على بناء هذا الصرح الديني/ الوطني. وبحكم القرب لجأ المؤسسون إلى الزاوية الرحمانية بالهامل التي تفضل شيخها مأمون القاسمي الحسني بمنح الرخصة سيرا على نهج آبائه وأجداده في التمكين لدين الله في الأرض.

وقد أشرف وزير الشؤون الدينية يوم السبت الماضي على وضع حجر أساس زاوية “سيدي أحمد بن بلقاسم الحسني” مرفوقا بالشيخ مأمون القاسمي وجمع من العلماء والأئمة وأعيان منطقة الحضنة وبحضور المئات من المواطنين الذين أبوا إلا أن يحضروا ميلاد هذا الصرح الديني الذي سيعم ضياؤه قلوب وعقول أبناء المنطقة والولايات المجاورة.

وتضم الزاوية مسجدا يسع 2000 مصلي وقاعات لتحفيظ كتاب الله تستوعب 600 طالب و قاعة محاضرات ومراقد للطلبة وشقق للأساتذة ومكتبة ومطعم ومسبح وملاعب رياضية وغيرها من المرافق الحيوية.

وفي حديث مع شيخ الزاوية ورئيس جمعيتها الأستاذ عز الدين حمديني أشار إلى أن الزاوية وإن تم تأسيسها في بلدية عين الخضراء إلا أنها تمثل كل عروش أولاد دراج وتخدم كل منتسب لها ومؤمن برسالتها في التمكين لدين الله ونشر قيمه النبيلة في عقول الناشئة.

وعن أهداف الزاوية يقول شيخها : ( تقوم الزاوية بتحفيظ كتاب الله وعلوم الدين في المقام الأول وفق المرجعية الدينية المالكية وتسعى إلى تعزيز العلاقة بين الدين الوطن استلهاما من ثورة التحرير المباركة التي قامت تحت لواء لا إله إلا الله محمد رسول الله من أجل تحرير الأرض والإنسان، ومن جوهر الدين أن نسعى إلى تكوين أبنائنا على حب الوطن وتحويل ذلك من مجرد اعتقاد إلى سلوك وأسلوب تفكير من أجل بناء جزائر المستقبل في فضاء من التسامح و المحبة واحترام الآخر.

كما تسعى الزاوية في جانب من اهتمامها إلى العناية بالشباب ورعايته والاهتمام بانشغالاته ومرافقته وتكوينه وصولا إلى تجسيد طموحاته وفق الآليات المتاحة على الساحة الوطنية. لن تنتظر الزاوية أن يزورها الناس حتى تهتم بهم بل ستخرج إليهم لإصلاح ذات البين ورص الصفوف وتمتين الوحدة الوطنية وترقية العمل التطوعي في مجالات حماية البيئة والرعاية الاجتماعية وإنشاء تعاونيات الأسر المنتجة وغيرها.

فالزاوية المتشبعة بروح الإسلام تحفيظا لكتاب الله وتدريسا لسنة نبيٌه عليه أفضل الصلاة والسلام عليها أن تسير باتجاه المستقبل بثقة وعزم وتهتم بانشغالات الإنسان وفق مرجعيتها الثابتة ورغبتها في تعزيز قدرات الوطن واستثمار طاقات أبنائه الخلاقة وتوفير مناخ يمتزج فيه الدين والوطن والعلم والعمل في كيان واحد).

الأستاذ “عبد الحميد يحياوي”  خبير في التنمية المستدامة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا