عرفت بداية السنة الجديدة عديد المضاربات والمزايدات شهدتها الأسواق لاسيما مساحات الجملة منها، مست بعض المواد الغذائية الأساسية للمواطن مثل الزيت، الدقيق والخبز وغيرها من المواد الأساسية الأخرى التي عرفت زيادات مرتفعة مقارنة بالسنوات السابقة وقد بدا هذا الفارق جليا للعيان تخطت فيه سقف الطماطم والبطاطا حدود مائتا دينار وهو رقم لم تعرفه أسواق الخضر لمدة زمنية طويلة، خلفت هذه المضاربات المشبوهة تخوفات وردود أفعال متباينة، أعادت للواجهة الاجتماعية سيناريوهات الخوف من المجهول .
المواطن البسيط أو لنقل الطبقات الدنيا من المجتمع التي تعيش بأجرة زهيدة لا تكفيها للعيش لمدة أسبوع ما بالك بثلاثين يوما، فيبدو ذلك مستحيلا، لكنها الحقيقة التي لا يمكن حجبها ولا إغفالها، حيث أن هذه الفئة هي جزء لا يتجزأ من المجتمع، تعيش يومياته بكل تفاصيلها الحلوة والمرة، لا يمكن تجاهلها ولا تجاوزها.
خلف هذه الأطماع الدخيلة هناك جهات تصطاد في المستنقعات، تتخذ من أجنداتها الربحية مواقع النفوذ والتحكم، لا يهمها إلا الربح السريع ولو كلف ذلك تجويع الطبقة الدنيا والدوس على كل القيم الإنسانية مادامت الأطماع قائمة ومربحة، والى جانب ذلك فهي لا ترى الأشياء بالعين المجردة فتثير هذه الفوارق وتقوم بتغذيتها وترغم المواطن على الاستسلام .
مابين الأطماع والإشباع هناك سلام يصنع الفارق، سلام يستند من مقولة “الخبز والماء والراس في السماء” شعار يردده المواطن البسيط عبر كل محاولة تهدد استقراره الاجتماعي، أو أمام أية فرصة يراد من خلالها تجويعه ليثور وينتفض، وفي كل مرة يعطي المواطن لمثل هذه الممارسات درسا في التأقلم مع الأحداث والزيادات بعزيمة وتذمر، وابتعاده عن أي انسياق قد يهدد أمن واستقرار المنظومة الاجتماعية التي هو جزء لا يتجزأ منها بالرغم من مشروعية تخوفاته.
الذين يعبثون بأمن المواطن الصحي والغذائي يتوهمون انه بمثل هذه الاستفزازات قد تخرج القاطرة الشعبية عن سكتها وبمثل هذه التصرفات يتوقعون الوهم ويبتاعون الحلم الذي سرعان ما تكشفه شمس الحقيقة ويصير للعيان مجرد نزوات تحركها الأطماع غير البريئة.
دراجي الاسبطي