بدل الانصياع للقرار الأممي في الشأن الصحراوي

المخزن يبتز الدول المحايدة ويكشف نواياه التوسعية

0
165

يواصل المخزن سياسة التمويه وتعقيد قضية استعماره للصحراء الغربية بمحاولة تهديد الدول المحايدة، وإلزامها بطريقة مبطنة للالتفاف ودعم مطلبه “غير الشرعي” بمنحه الشرعية في تنفيذ خيار “الاستقلال الذاتي” للشعب الصحراوي، رغم أنه خيار يرفضه الصحراويون ولا تتبناه الأمم المتحدة.

حيث دعا ملك المخزن في خطابه السنوي بمناسبة ذكرى “ثورة الملك والشعب”، الدولة التي تربطها شراكات مع بلده إلى إعلان مواقفها صراحة من القضية الصحراوية، لأن المخزن يعتبر القضية الصحراوية المقياس الحقيقي لعلاقة بلده مع الدول الشريكة. وأردف الملك أن توضيح تلك الدول من الشركاء القدماء والجدد موقفهم من القضية الصحراوية، من شأنه إظهار الوجه الحقيقي لهم وتوضيح الرؤية لبلده لتعرف أي طريقة عمل تليق معهم، وهو ما يعني أن المخزن يريد ابتزاز هذه الدول التي لم يذكرها بالاسم، وهو ما يجعل بعضها تحت التهديد لمصالحها الاقتصادية، لاسيما الدول الافريقية التي يتغلغل بمؤسساته الاستثمارية داخلها. بينما ثمن موقف دول غربية تدعم خيار “الحكم الذاتي” منها الولايات المتحدة الأمريكية التي افترى على موقفها وذكر أنه لا يتغير بتغير الحكومات، في حين أن الرئيس “بايدن” كان قد صرح علنا أن موقف أمريكا لا يتغير اتجاه القرار الذي اتخذته الأمم المتحدة والقاضي بضرورة إخضاع الشعب الصحراوي إلى”حق تقرير المصير” وحسب نتائجه تكون قد حلت قضية الصحراء الغربية، وأن تصريح سابقه “ترامب” بدعم المخزن لتنفيذ خيار الحكم الذاتي للصحراويين لا يخص موقف أمريكا. موهما العالم أن إسبانيا غيرت موقفها بدعمها لخياره، في حين لم يذكر العالم أن المسؤولية السياسية لإسبانيا في القضية الصحراوية، يستدعي أن تكون منصفة وتتحمل مسؤوليتها التاريخية اتجاه القضية، لأنها هي من سلمت الصحراء الغربية إلى المغرب بعد خروجها منها، مقابل استيلائها على الثروات الطبيعية المتواجدة هناك وسبتة والميلية. كما سعى الملك في خطابه إلى إغراء الدول المحايدة في القضية الصحراوية، لكسب تعاطفها ومساندتها عبر تذكيرها بالمزايا والاستثناءات التي ستحصل عليها الدول الشريكة له بموقفها الداعم لخيار الحكم الذاتي، على غرار الدول الأوروبية كألمانيا وهولندا، البرتغال، صربيا، هنغاريا، قبرص ورومانيا. وكذلك بالنسبة للدول العربية، خاصة الأردن، البحرين، الإمارات، جيبوتي وجزر القمر، التي فتحت قنصليات بالعيون والداخلة المحتلتين، مذكرا باعتراف اليمن ومصر الأخير بمغربية الصحراء. بيد أن الملك لم يتطرق إلى الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي يعيشها المغرب اليوم، بسبب إقفال عديد الشركات الأجنبية وتراجع إنتاج بعضها بسبب نقص الطاقة، التي تستخدمها، على غرار شركات ومصانع السيارات الفرنسية “رونو وبيجو” وهو ما يهدد الشركات الأجنبية المستثمرة هناك بالإفلاس.

بدل الاعتذار للجزائر وموريتانيا يهدد باقي الدول

يعتبر قرار الأمم المتحدة قد فصل في القضية الصحراوية بمطالبته المغرب بتطبيق خيار “تقرير المصير” للصحراويين، ليختاروا إن كانوا يفضلون استقلالهم التام أو البقاء تحت المظلة المغربية بحكم ذاتي، إلا أن المخزن يرفض خيار تقرير المصير، لأنه هدفه الرئيسي وخطته القديمة ورغبته السرية هي “سياسة التوسع الجغرافي” والتهام دول المنطقة، وقد فضح رغبته هذه، ممثله “أحمد الريسوني” رئيس الاتحاد العالمي للعلماء المسلمين الذي دعا إلى الجهاد في تندوف الجزائرية، بينما اعتبر وجود الدولة الشقيقة “موريتانيا” خطأ تاريخيا. حيث لم يتطرق الملك في خطابه إلى تصريح ممثله ولم يتبرأ منه باسم دولته، ولم يكلف نفسه عناء الاعتذار لموريتانيا ولا الجزائر، وهو ما يعني أن المخزن لا يريد تنفيذ حق تقرير المصير بالمستعمرة الصحراوية، بل يبحث عن طرق تسمح بتعقيد الوضع أكثر، بخلق فوضى بالمنطقة تسمح له بتمديد حدوده وضم مناطق أخرى إلى مملكته، حسب توهمه، لتتعدى موريتانيا لتصل إلى السنيغال والجزائر، لينطلق فيما بعد نحو باقي البلدان، لاسيما وأنه الراعي الرسمي للتطبيع بالمنطقة، وما ترغب به اسرائيل من الامتداد داخل افريقيا وبسط سيطرتها عليها، وهو ما سيخلق مشاكل تؤدي إلى أزمات ووضع دول افريقية ومغاربية في إشكال فيما يخص العلاقات، لاسيما مع الجزائر التي لازالت تتبنى خيار الأمم المتحدة القاضي بتقرير المصير، حتى تحل المشكلة الصحراوية نهائيا، ويعود الاستقرار إلى المنطقة ويتم الانطلاق في بناء الاتحاد المغاربي الذي لا مفر منه حتى يكون قوة تسمح بالتموقع ومواجهة التحديات العالمية الكبرى.

ميمي قلان

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا