ظاهرة العولمة هي عبارة عن مسار مركب، متعدد القطاعات وشامل وتركز بصفة خاصة على الإقتصاد والمال.
أول شكل من أشكال العولمة الذي ظهر للوجود هو العولمة المالية من خلال ربط الأسواق المالية الدولية عبر تقنية swift ( آلية إتصال وانتقال الأموال بين البنوك ) وإلغاء القوانين التي تحد من إنتقال الرسائل التي أصبحت متحررة من أي قيد في إنتقالها من بلد لآخر بحثا عن أسعار فائدة دائنة أفضل (الأسعار الدائنة هي الفوائد التي يتحصل عليها مودعوا الأصول لدى البنوك). ومع مرور الوقت انتقلت العولمة لقطاع آخر وهو الإقتصاد حيث ظهر فاعلون جدد عابرون للحدود الذين يتخذون مقرهم الإجتماعي في بلد معين ثم يقومون بنشر أنشطتهم الصناعية والخدمية عبر العالم، ناهيك عن العولمة الثقافية والإجتماعية إلخ… والحصيلة هي أن العولمة إنعكاس لعملية التشبيك الدولي وتكثيف المبادلات على المستوى العالمي.
في قبال هذا المسار الهادف إلى إرساء إقتصاد ومجتمع عالميين، ينحو القانون منحى موازي لهذا المسار لأن النشاط الاقتصادي والاجتماعي المتمركز عالميا يحتاج إلى قواعد شاملة ومن هذا المنطق يتم التفكير في قانون شامل كبديل عن القانون الوطني العاجز عن معالجة ظواهر ذات بعد عالمي. فعولمة القانون تنطلق من إيجاد حلول لإشكالية عجز الأنظمة القانونية الوطنية عن تأخير ظواهر شاملة من قبيل النظام العالمي.
إذا كان حل جعل كل الأنظمة القانونية الوطنية تلتقي عند نقطة المنظومة الشاملة القادرة على تنظيم الظواهر العالمية، صعب تقنيا، فالإتجاه الثاني يكمن أساسا في الحكومة العالمية أو البحث عن جسيم قانوني شامل ومستقل قادر على تعزيز قواعد تنظيم العلاقات الدولية وضبط مظاهر العولمة في ظل سياق يتميز بعدم اليقين وتناقض المصالح.
إنه مسار طويل تم البدء فيه بواسطة إخراج مسار اتخاذ القرار من النطاق الوطني أو بلورة معايير جديدة على نطاق فوق وطني الذي يبدأ بإنتاج آثاره التي من أبرزها إلغاء الصبغة الإقليمية للقوانين.
بقلم الدكتور: كمال موهوبي أستاذ محاضر بكلية الحقوق جامعة الجزائر -1-