الإقتصاد الجزائري: أزمة وحلول (2): الحلول والمستلزمات السياسية

0
340

قبل تناول الجانب التقني من الإصلاحات لأبعاده الاقتصادية والمؤسساتية، يجدر بنا الذكر أن الجانب السياسي هو الذي يجب أن يحظى بالاهتمام لأن المنظور السياسي للإصلاحات الاقتصادية هو العائق الأكبر الذي أفشل البرامج الإصلاحية منذ زمن بعيد، فالإصلاح في هذا المجال يحتاج لرافد سياسي الذي من الممكن افتراض وجوده في كل الجزائر الجديدة.

لحد الآن، الرهانات السياسية المرتبطة بالاقتصاد هي العائق الأول أمام التطور الاقتصادي بالانتقال من اقتصاد ريعي الى اقتصاد يقوم على إنتاج الثروة.

علاقة الاقتصاد بالسياسة تحتاج إلى توضيح لاستيعاب العوائق ذات المنشأ السياسي، فالاقتصاد هو الذي يصنع السياسة شريطة أن يتمتع المجتمع المدني بالسلطة الاقتصادية بحرية الملكية وحرية الاستثمار وحرية المبادرة الفردية القادرة على إنشاء قوى اجتماعية مؤثرة سياسية هذا هو واقع البلدان الديمقراطية ذات التنظيم الاجتماعي القائم على السوق الحرة والتنافسية وهذا هو سبب فشل مسار الإصلاحات عامة وبصفة خاصة اصلاحات حكومة حمروش هذا ما حدث أكتوبر 1988.

الشرط السياسي الضروري لنجاح الإصلاحات على الاقتصاد كيف الجواب هو استقلالية الفضاء الاقتصادي من خلال اختزال دور الدولة في التأطير القانوني للنشاط الاقتصادي قواعد المنافسة على سبيل المثال أو تحديد الأولويات الاقتصادية دون التدخل المباشر في اختيار الفاعلين الاقتصاديين.

هذا الشكل من العلاقة بين الدولة والفضاء الاقتصادي من شأنه إبراز اقتصاديين حقيقيين نجحت بفضل سواعدها وإمكانياتها الذاتية وبذلك تشكل قوى اجتماعية مستقلة عن السلطة تنتج الثروة وتوزعها كما تسيطر على جزء مهم من القاعدة الاجتماعية هذا هو الشكل الوحيد لتنظيم الاقتصادي الذي يمّكن الجزائر من الرقي الاقتصادي والاجتماعي وهو إلى حد الان غير مرغوب فيه بسبب ثمنه السياسي أي فقدان السلطة لهيمنتها على المجتمع وفق نظرية État néo patrimonial، أي خضوع المجتمع للسلطة حين أن المجتمع هو منطقيا فضاء العلاقات بين الافراد الخاضعة للمصالح الخاصة وفضاء للحريات الفردية والجماعية والمجموع خاضع للقانون الخاص.

بقلم الدكتور كمال موهوبي

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا